4
كفر المتحاكمين إلى شرائع المشركين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد عبد
الله ورسوله وآله وصحبه.وبعد...
فإن من المكفرات القطعية والمخالفات الصريحة التي
جاءت شريعة الإسلام بتكفير فاعلها؛ معصية التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم من شرائع الشيطان وأحكام الجاهلية، قال الله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي
الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ
وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ
خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}.
قال ابن كثير رحمه الله: (وقوله تعالى: {فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، قال مجاهد وغير
واحد من السلف؛ أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، وهذا أمر من الله عز وجل بأن كل شيء
تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة،
كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى
اللَّهِ}، فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا
الضلال! ولهذا قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآَخِرِ}، أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما
فيما شجر بينكم، {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ}،
فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك
فليس مؤمنا بالله ولا باليوم الآخر، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ}، أي التحاكم إلى كتاب
الله وسنة رسوله والرجوع إليهما في فصل النزاع؛ خير، {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، أي
وأحسن عاقبة ومآلاً - كما قاله السدي وغير واحد - وقال مجاهد: وأحسن جزاءاً، وهو
قريب).
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ
قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ
يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا *
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ
رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا
أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ
بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ
يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ
لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}.
قال الحافظ ابن كثير: (هذا إنكار من الله عز وجل
على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين، وهو مع ذلك
يريد التحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله، كما ذكر في سبب نزول
هذه الآية؛ أنها في رجل من الأنصار ورجل من اليهود تخاصما، فجعل اليهودي يقول:
بيني وبينك محمد، وذاك يقول: بيني وبينك كعب بن الأشرف، وقيل؛ في جماعة من
المنافقين ممن أظهروا الإسلام، أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية، وقيل غير
ذلك، والآية أعم من ذلك كله؛ فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما
سواهما من الباطل، وهو المراد بالطاغوت هنا، ولهذا قال: {يُرِيدُونَ أَنْ
يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ... إلى آخرها}، وقوله: {يَصُدُّونَ عَنْكَ
صُدُودًا}، أي يعرضون عنك إعراضا كالمستكبرين عن ذلك، كما قال تعالى عن المشركين: {وَإِذَا
قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا
وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا}، وهؤلاء بخلاف المؤمنين الذين قال الله فيهم:
{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا... الآية}، ثم قال
تعالى في ذم المنافقين: {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ
أَيْدِيهِمْ}، أي فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم
واحتاجوا إليك في ذلك؛ {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا
إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}، أي يعتذرون إليك ويحلفون؛ ما أردنا بذهابنا إلى
غيرك وتحاكمنا إلى عداك إلا الإحسان والتوفيق، أي المداراة والمصانعة، لا اعتقادا
منا صحة تلك الحكومة، كما أخبر تعالى عنهم في قوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى...}، إلى قوله: {...
فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}، وقد قال
الطبراني: حدثنا أبو زيد أحمد بن يزيد الحوطي؛ حدثنا أبو اليمان؛ حدثنا صفوان بن
عمر عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما
يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ
مِنْ قَبْلِكَ...}، إلى قوله: {إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}،
ثم قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ}، هذا
الضرب من الناس هم المنافقون، والله يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك، فإنه لا
تخفى عليه خافية، فاكتف به يا محمد فيهم، فإن الله عالم بظواهرهم وبواطنهم، ولهذا
قال له: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}، أي لا تعنفهم على ما في قلوبهم، {وَعِظْهُمْ}، أي
وانههم على ما في قلوبهم من النفاق وسرائر الشر ،{وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ
قَوْلًا بَلِيغًا}، أي وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم).
وبهذا تعرف أخي المسلم؛ أن هذا الحكم الشرعي
المتعلق بكفر التحاكم إلى غير شريعة الله، وكفر المتحاكمين إلى غير ما أنزل الله؛
أمر معلوم ومنصوص عليه، والعلم به هو من العلم الضروري الذي يجب على يجب على كل
مسلك تعلمه، بوصفه جزء من التوحيد الذي هو العلم العيني الواجب، وليس هو من
النوازل التي تحتاج إلى استنباط العلماء واجتهادهم.
ومع ما في الأمر من خطر، ومع وضوح حكمه في دين
الله؛ فإنه أصبح عند أغلب الناس من عوام المنتسبين زورآ إلى الإسلام وخاصتهم؛
شيئاً هيناً وذنباً مشاعاً، لا يكاد أحد يفلت منه أو يتورع عنه، وهكذا أضحى المتزعمون
المتصدرون لقيادة الأمة وإمامتها زورآ وبهتانا لا يرون حرجا في افتاء الناس بجواز
التحاكم إلى غير احكام القرآن باسم "المصالح" و "الضرورات"،
راضين من غير إكراه يلجؤهم إلى ذلك.
وإذا كان من طبع أهل الابتداع التساهل في مثل هذا
الأمر والتأول له التأويلات الفاسدة، لأنهم أصحاب أهواء ظاهرة يستحسنون على أساسها
ما يشاؤون، فإن الغريب حقاً - ولا غرابة في كيد الشيطان وتلبيسه - أن تجد كثيراً
ممن يزعم الدعوة إلى منهج أهل السنة والجماعة ويدعي الكفر بطواغيت الحكام وتكفير
الحاكمين بغير ما أنزل الله، ويقول بوجوب الخروج عليهم وقتالهم، تجدهم يعتقدون
جواز التحاكم إلى نفس الأحكام الشركية التي يُكّفرون من يحكم بها دونما إكراه،
ويتوسلون إلى فعل ذلك بكل الوسائل، مع التغطية عليه وعلى فعله بأفسد التأويلات،
وكل ذلك يفعلونه طلباً لمنافع خاصة بهم، لا علاقة لها بالمصلحة العامة للأمة.
في الوقت الذي نراهم ينكرون أشد الإنكار على أهل
البدع البرلمانيين الذين اتخذوا "المصلحة" مطية و "الضرورة"
حجة لدخول مؤسسات التشريع الشركي، معتبرين ما يأتيه هؤلاء كفراً بواحاً، بل يكفرون
غيرهم بإتيان صناديق الاقتراع والإدلاء بما يسمى بـ "الأصوات" فيها، مع
أن هؤلاء البرلمانيين ما دخلوا هذه الأبواب إلا لتحصيل المصلحة العامة للأمة، لا
لمصالحهم الشخصية فقط، ولكنهم اتخذوا لذلك وسائل كفرية لم يأذن بها الله تعالى ولا
رسوله صلى الله عليه وسلم.
ألا انه لو كان أحد يُعذر عند الله تعالى بارتكاب
الكفر من غير إكراه، اعتذاراً بـ "المصالح" و "الضرورات"،
لكان هؤلاء البرلمانيون ممن دخل في الديمقراطية الشركية لنصرة الدين وتحقيق
المصلحة العامة للأمة أعذر عند الله تعالى ممن يزعم تكفيرهم ثم مع ذلك لا يستحون
ولا يمتنعون أن يقعوا في مكفر مثل التحاكم إلى غير ما أنزل الله، يبيعون دينهم بلعاعة
من دنيا يصيبونها أو شهوة من أمرأة يقضها أحدهم!
ألا فاعلموا أيها الإخوة؛
أن من يتحاكم إلى أحكام القانون ومحاكمه وحكامه
من غير إكراه صحيح، فإنه كافر مرتد عن الإسلام، ولا عبرة بما يحمله من شعارات
الإسلام أو الدعوة أو الإنتساب إلى السنة والجماعة أو الجهاد أو التوحيد أو تكفير
من يحكم بغير ما أنزل الله، كما أنه لا عبرة في ذلك بادعاء إكراه لم تتحقق أركانه.
فإن الذي يذهب على رجليه حراً مختاراً إلى محاكم
القانون ومؤسسات تشريعه وتنفيذه - دون أن يكون أسيراً بيد العدو، مرغما على ذلك
بالقوة – هو في حقيقة الأمر من الراضين بالتحاكم إلى غير ما أنزل الله، وهو بذلك
كافر بالله لهذا الاعتبار، ولو ادعى أنه غير راض بذلك، والحكم عليه بالكفر إنما هو
على الظاهر، لأننا لم نؤمر أن نشق عن قلوب الناس.
واعلموا أن حمل الشعارات والاغترار بها؛ هو دين
كل شيطان مارد، وقديما قالت اليهود والنصارى: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ
وَأَحِبَّاؤُهُ}، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا
أَوْ نَصَارَى}، فلم تغن عنهم دعواهم تلك من الله شيئاً، بل كانوا في حكم الله من
الكافرين ومن أصحاب الجحيم.
وهؤلاء مع ما يستحلونه من التحاكم إلى القوانين،
يقولون عن أنفسهم بأنهم أهل الجهاد والتوحيد والسنة والجماعة والطائفة المنصورة،
وكذبوا - والله - في دعواهم تلك، كما كذبت اليهود والنصارى ممن استنوا بسنتهم
واتبعوا سبيلهم، فإن الذي لا يخرج على القانون وحكامه في مخالفة واحدة يدعون الناس
إليها ويزينونهها إليهم من غير إكراه لهم عليهم، فكيف له - يا ترى - أن يخرج عليهم
في كل ما يدعونه إليه من أنواع الكفر والفسوق والعصيان؟! بل كيف له أن يخرج عليهم
جملة ويقاتلهم على كفرهم قتال المؤمنين للكافرين والموحدين للمشركين؟!
فهؤلاء - والله - مع تلك الدعاوى الكبيرة
والشعارات العريضة لا يجاوز حالهم حال المنافقين ممن يزعم الإيمان بالله واليوم
الآخر، وهو في ذلك كاذب أفاك، وقد قال الله تعالى في أمثال هؤلاء: {وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ
بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ
اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُو}.
حُكم مَن يتحاكم لطاغوت القوانين الوضعية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الله عز وجل
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ
أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ
أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ
وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا. [النساء:60]
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله آل شيخ
في كتابه - تيسير العزيز الحميد باب قوله تعالى :﴿ ألم تر إلى الذين يزعمون ...﴾ الآية . قال : (
وفي الآية دليل على أن ترك التحاكم إلى الطاغوت الذي هو ما سوى الكتاب والسنة من
الفرائض . وأن المتحاكم إليه غير مؤمن بل ولا مسلم )
ويقول الشيخ محمد جمال الدين القاسمي -
رحمه الله - في تفسيره المعروف بـ(محاسن التاويل) عند قوله تعالى قال : (( ألم تر إلى الذين يزعمون ..﴾
الآية .قال رحمه الله : ( الأول : أنه تعالى قال : يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت
وقد أمروا أن يكفروا به )) فجعل التحاكم إلى الطاغوت إيماناً به ولاشك أن الإيمان
بالطاغوت كُفرّ بالله.كما أن الكفر بالطاغوت إيمان بالله )
يقول الشيخ سليمان ابن سمحان:
((: إذا عرفت أن التحاكم إلى الطاغوت كفر , فقد
ذكر الله في كتابه : أن الكفر أكبر من القتل قال : (( والفتنة أكبر من القتل))
وقال : (( والفتنة أشد من القتل )) . والفتنة هي الكفر , فلو اقتتلت البادية
والحاضرة , حتى يذهبوا لكان أهون من أن ينصبوا في الأرض طاغوتاً يحكم بخلاف شريعة
الإسلام التي بعث الله بها رسول الله صلي
الله عليه وسلم ))
قال أيضاً العلامة سليمان بن سحمان :
(( إذا كان هذا التحاكم كفراً والنزاع إنما يكون
لأجل الدنيا , فكيف يجوز لك أن تكفر لأجل ذلك؟ فإنه لا يؤمن الإنسان حتى يكون الله
ورسوله أحب إليه مما سواهما , وحتى يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده والناس
أجمعين . فلو ذهبت دنياك كلها لما جاز لك المحاكمة إلى الطاغوت لأجلها , ولو اضطرك
مضطر وخيّرك بين أن تحاكم إلى الطاغوت أو تبذل دنياك لوجب عليك البذل ولم يجز لك
المحاكمة إلى الطاغوت )) . (الدررالسنية (10/510)
قـال ابن تيمية رحمه الله (قال تعالى: (أم لهـم شركـاء شـرعـوا
لهـم مــن الـدين مـالـم يـأذن بـه اللــه) الشوري 21. فمن ندب إلى شيء يُتَقَرَّب
به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو فعله من غير أن يشرعه الله: فقد شرع من الدين مالم
يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا لله، شرع له من الدين مالم يأذن
به الله.) (اقتضاء الصراط المستقيم) صـ 267، ط المدني.
قال الشنقيطي (ويُفهـم
مـن هـذه الآيــات كقـولـه «ولا يُشرك في حكمه أحداً» أن متبعي أحكام المشرّعين
غير ماشرعه الله أنهم مشركون بالله) (أضواء البيان) 4/ 82 ــ 83.
وقال الشنقيطي في تفسير {إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}
حيث يقول: (ومن هدي القرآن للتي هي أقوم؛ بيانه
أنّ كل من اتبع تشريعاً غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد الله
صلوات الله وسلامه عليه، فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفرٌ بواحٌ مخرجٌ من الملة
الإسلامية
وقال شيخ الإسلام : ( ومعلوم بالاضطرار من دين
المسلمين
وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين
الإسلام ، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صل الله عليه وسلم فهو كافر ).
وقال الحافظ ابن كثير : ( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على
محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر ، فكيف
بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ، فمن فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ).
ويقول الشيخ الشنقيطي ـ ( الإشراك بالله في حكمه والإشراك به
في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة ، فالذي يتبع نظاما غير نظام الله
وتشريعا غير تشريع الله ومن كان يعبد الصنم ، ويسجد للوثن ، لافرق بينهم البتة
فهما واحد وكلاهما مشرك بالله ).
حكم رد النزاع إلى غير الله ورسوله :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- قال شيخ الإسلام اين
تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين
وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ إتباع غير دين
الإسلام ، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ).
2- قال شيخ الإسلام ابن
تيميّة رحمه الله : ( يزولُ الإيمان بمجرَّد الإعراض عن حكم الرَّسول و
إرادة التَّحاكم إلى غيرِه ) [ الصارم المسلول ، ص : 43 ] .
3- وقال ابن القيّم رحمه
الله : ( أمرنا الله برد ما تنازعنا فيه إليه و إلى رسوله صلى الله عليه و
سلم ، فلم يُبَح لنا قط أن نرد ذلك إلى رأي و لا قياس و لا رحمة إمام و لا منام و
لا كشوف و لا إلهام و لا حديث قلب و لا استحسان و لا معقول و لا شريعة الديوان و
لا سياسة الملوك و لا عوائد الناس التي ليس على شرائع المسلمين أضر منها فكل هذه
طواغيت من تحاكم إليها أو دعا منازعه إلى التحاكم إليها فقد حاكم إلى الطاغوت ) [
أعلام الموقعين 1 / 244 ] .
4- و قال الإمام ابن
القيّم رحمه الله : ( أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم الى غير ما جاء به
الرسول فقد حكَّم الطاغوت و تحاكم إليه ،) أعلام الموقعين 1ج
5- و قال الشيخ محمد
الأمين بن المختار الشنقيطي: ( و لما كان التشريع ، و جميع الأحكام ؛
شرعيةً كانت أو كونية قدرية ، من خصائص الربوبية ... كان كل من اتبع تشريعاً غير
تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرِّعَ رباً ، وأشركه مع الله ) [ أضواء البيان : 7 /
162 ] .
6- ويقول شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى : (ومن موالاة الكفارالتي ذم الله بها أهل
الكتاب والمنافقين الإيمان ببعض ماهم عليه من الكفر , أو التحاكم إليهم دون كتاب
الله . كما قال تعالى : ﴿ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت
والطاغوت ...﴾ الآية . (مجموع الفتاوى 199/38) طبعة دار عالم الكتب) .
7- ويقول الإمام ابن قيم
رحمه الله (ومن حاكم خصمه إلى غير الله ورسوله فقد حاكم إلى الطاغوت , وقد
اُمِـر أن يكفر العبد بالطاغوت حتى يجعل الحكم لله وحده كما هو كذلك في نفس الأمر)
. (طريق الهجرتين ص 72 طبعة دار ابن كثير).
8- ويقول أيضاً رحمه
الله : (فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله). أهــ . (أعلام
الموقعين طبعة المكتبة العصرية).
____________________
( ولا يشــرك
في حكــمه أحــد ا)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشنقيطي: قرأ هذا الحرف عامة السبعة ماعدا
بن عامر (ولا يشرك)بالياء المثناة التحتية وضم الكاف على الخبر ولا نافية،
والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحدا في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم
لغيره البتة، فالحلال ما أحله تعالى والحرام ما حرمه والدين ما شرعه والقضاء ما
قضاه، وقرأه ابن عامر من السبعة (ولا تشرك) بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف
بصيغة النهي، أي لا تشرك يا نبي الله، أو لا تشرك أيها المخاطَب أحدا في حكم الله
جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم.
وحكمه جل وعلا المذكور في قوله (ولا يشرك في حكمه
أحدا) شامل لكل ما يقضيه جل وعلا ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليا.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله
وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات أخر، كقوله تعالى (إن
الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه (وقوله تعالى (إن الحكم إلا لله عليه
توكلت...)الآية، وقوله تعالى (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله...)الآية،
وقوله تعالى (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يُشرَك به تؤمنوا فالحكم لله
العلي الكبير (وقوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون)، وقوله
تعالى (له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)، وقوله (أفحكم
الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)، وقوله تعالى (أفغير الله
أبتغي حَكَما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا) إلى غير ذلك من الآيات.
ويُفهَم من هذه الآيات كقوله (ولا يشرك في حكمه
أحدا) أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم
جاء مبينا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها
ذبيحة الله (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون
إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم.
وهذا الإشراك في الطاعة واتباع التشريع المخالف
لما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى (ألم أعهد إليكم يا
بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم)، وقوله
تعالى عن نبيه إبراهيم (يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا)،
وقوله تعالى (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) أي ما
يعبدون إلا شيطانا، أي وذلك باتباع تشريعه.
ولذا سمى الله تعالى الذين يُطاعُون فيما زينوا
من المعاصي شركاء في قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم
شركاؤهم...) الآية.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعدي بن
حاتم رضي الله عنه لما سأله عن قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون
الله...)الآية، فبين له أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله
فاتبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أربابا.
ومن أصرح الأدلة في هذا أن الله جل وعلا في سورة
النساء بين أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم
مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من
الكذب ما يحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا
بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن
يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا).
وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية
الظهور أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه
مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم أنه لا يشك في
كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم.
ولما كان التشريع وجميع الأحكام شرعية كانت أو
كونية قدرية من خصائص الربوبية، كما دلت عليه الآيات المذكورة، كان كل من اتبع
تشريعا غير تشريع الله قد اتخذ ذلك المشرع ربا، وأشركه مع الله...إلى آخر ما ذكره
الشنقيطي رحمه الله ) أضواء البيان ، ج 7 / 136 - 137
ويبين رحمه الله بيانا لا يحتمل تأويلا أن من
اتبع نظاما أو تشريعا غير الإسلام فهو كمن أشرك في العبادة مع الله: الإشراك بالله
في حكمه، والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع
نظاما غير نظام الله وتشريعا غير تشريع الله كالذي يعبد الصنم ويسجد للوثن، ولا
فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد وكلاهما مشرك بالله.
وقال أيضا في تفسير قوله تعالى (إن هذا القرآن
يهدي للتي هي أقوم..)الآية: ومن هدي القرآن للتي هي أقوم بيانه أن كل من اتبع
تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد الله صلوات الله وسلامه
عليه، فاتباعه لذلك التشريع المخالف كفر بواح مخرج من الملة الإسلامية.
ولما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم :
الشاة تصبح ميتة من قتلها؟ فقال لهم: قتلها الله، فقالوا له: ما ذبحتم بأيديكم
حلال وما ذبحه الله بيده الكريمة تقولون إنه حرام ! فأنتم إذن أحسن من الله؟ فأنزل
الله فيهم قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن
الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)...
إلى أن قال رحمه الله:
فهو قَسَمٌ من الله جل وعلا أقسم به على أن من
اتبع الشيطان في تحليل الميتة أنه مشرك، وهذا الشرك مخرج عن الملة بإجماع المسلمين،
وسيوبخ الله مرتكبه يوم القيامة بقوله(ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا
الشيطان إنه لكم عدو مبين)،
لأن طاعته في تشريعه المخالف للوحي هي عبادته،
وقال تعالى (إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) أي ما يعبدون
إلا شيطانا، وذلك باتباعهم تشريعه.
وقال (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم
شركاؤهم...)الآية، فسماهم شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله تعالى، وقال عن
خليله(يا أبت لا تعبد الشيطان...)الآية، أي بطاعته في الكفر والمعاصي.
ولما سأل عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم
عن قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا...)الآية، بين له أن معنى ذلك أنهم
أطاعوهم في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم، والآيات بمثل هذا كثيرة.
والعجب ممن يحكم غير تشريع الله ثم يدعي الإسلام،
كما قال تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من
قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمِرُوا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن
يضلهم ضلالا بعيدا) وقال (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وقال
(أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب
يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين). اهـ
----------------------------------------------------------
الارجاء لادين له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هم أهل الارجاء ؟؟ وكيف كانت نشأتهم
؟؟ ومن هو أول من تكلم بالارجاء ؟؟ وماأصناف
أهل الارجاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هم المرجئة؟
المرجئة لغة من الإرجاء: وهو التأخير والإمهال ،
قال تعالى : " قَالُوا أَرْجِهِ
وَأَخَاهُ" أي : أمهله ، ومن الرجاء ضد اليأس وهو الأمل ، قال تعالى : "
أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ " .
والمرجئة اصطلاحًا في الشرع : كانت المرجئة في
آخر القرن الأول تطلق على فئتين كما قال الإمام سفيان ابن عيينة - رحمه الله :
قوم أرجئوا أمر علي وعثمان ، فقد مضى أولئك ( أي
ليسوا من المرجئة المذمومة ومنهم الحسن بن محمد بن الحنفية).
فأما المرجئة اليوم فهم يقولون : الإيمان قول بلا
عمل ،أو اعتقاد وقول وعمل والأعمال شرط كمال كما تقول مرجئة العصر أدعياء السلفية
,فهم وافقوا السلف فى اللفظ والتعريف وخالفوهم فى الحقيقة والمعنى, واستقر المعنى
الاصطلاحي للمرجئة عند السلف على المعنى الثاني (إرجاء الفقهاء) وهو القول بأن :
الإيمان هو التصديق ، أو التصديق والقول ، أو الإيمان قول بلا عمل ثم أطلق الإرجاء
على أصناف أخرى كالجهمية القائلين بأن الإيمان هو المعرفة فقط ، والكرامية
القائلين بأن الإيمان هو قول اللسان فقط وغيرهم كما سيأتي في أصناف المرجئة.
نشأة الإرجاء والمرجئة وتاريخها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل أن أول من تكلم بالإرجاء ذر بن عبد الله
الهمداني ، ثم حماد بن أبي سليمان ، ثم أبو حنيفة وقيل قيس الماجد أو الماص ،
وانتشر الإرجاء بعد دخول عمرو بن مرة فيه ،وقال الإمام الطبري - رحمه الله:
(الإرجاء معناه ما بيناه قبل من تأخير الشيء ،
فمؤخر أمر علي وعثمان - رضي الله عنهما - إلى ربهما ، وتارك ولايتهما والبراءة
منها ، مرجئًا أمرهما فهو مرجئ ، ومؤخر العمل والطاعة عن الإيمان ومرجئها عنه فهو
مرجئ ) .
والمرجئة : اسم فاعل من الإرجاء وهو يأتي بمعنى
التأخير والإمهال ، وبمعنى إعطاء الرجاء ، وهم على هذا يؤخرون العمل عن الإيمان
ويعطون العصاة الرجاء في ثواب الله ؛ لأنهم يقولون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا
تنفع مع الكفر طاعة ، ولو قالوا لا تزيله المعاصي دون الكفر إلا بالاستحلال لكان
قولهم صوابًا ، أي لا تنقص الإيمان عندهم المعاصي لأن الإيمان عندهم واحد والناس
فيه سواء ، وبدعة الإرجاء من أشد البدع التي كان لها آثار وخيمة في حياة المسلمين
من نهاية القرن الأول إلى اليوم وخصوصا بعد ما أصبحت الدول والحكومات تتبناه وتشجع
عليه وتنشره لأنه لايمثل خطرا عليها ولا على مذهبها العلمانى التى تنتحله بدلا من
دين الله والديمقراطية بدلا من شريعة الله وحكم القانون والدستور بدلا من حكم الله
,وكل ذلك عند المرجئة صغائر ومعاص لايكفر بها صاحبها مالم يستحلها ويعتقدها
ويقصدها وينشرح بها صدره !
النشأة والتطور
،،،،،،،،،،،،،،
الأول: إرجاء الشكاك الذين لم يتعين عندهم المخطئ
والمعيب من المتنازعين في صِفِّين والجَمَل ، وهذا حدث بعد الفتنة سنة 38 هـ
تقريبًا وما بعدها.
وهذا هو الذي تكلم به وكتب فيه كتابًا : الحسن بن
محمد بن الحنفية ؛ نعم هو أول من تكلم بالإرجاء على هذا النحو ، لكنه برئ من
الإرجاء المذموم ، وإنما هو إرجاء أمر المتنازعين أيام علي ومعاوية - رضي الله
عنهما - وقد ندم الحسن وتبرأ من الخوض في هذا الإرجاء والكلام فيه ، لأنه فيما شجر
بين الصحابة ، وهو أمر انقضى ومضى والسلف صاروا يكرهون الخوض فيه
وهذا النوع من الإرجاء لا يُعد من البدع إنما هو
قول اجتهادي اقتضته ظروف الفتنة قبل أن يستبين وجه الحق ، أما الإرجاء المذموم
الذي يتعلق بالإيمان وخروج الأعمال منه فلم يعرج عليه فلا يلحقه بذلك ذم ولا عتاب
والله أعلم)
الثاني: مرجئة الفقهاء وهي المعنية بالإرجاء المذموم
بالمعنى الاصطلاحي وهي الفرقة المشهورة التي أخرجت العمل من الإيمان ونشأت ما بين
عام 73 هـ وعام 83 هـ تقريبًا ، وهذا هو الإرجاء المشهور وهو المعنِي غالبًا عند
السلف ويقوم على القول بأن الإيمان هو التصديق أو التصديق والقول قال قتادة :
" إنما أُحدث الإرجاء بعد هزيمة ابن الأشعث عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث
الكندي الذي خرج على الحجاج وقد قام مع ابن الأشعث علماء أجلاء من سادة التابعين
على رأسهم سعيد بن جبير أمام التابعين - رحمه الله ورضي عنه - ويغلط غلطًا فاحشًا
من لا يفرق بين الخروج على الحكام الظلمة والكفرة وبين مذهب الخوارج ، ويجهل جهلاً
قبيحًا بمذهب السلف من يسوي بينهما ويرمي كل من خرج على الحكام الظلمة فضلاً عن
أهل الكفر والردة بأنه من الخوارج المارقين ، ويلزم من هذا القول القبيح شديد
الفحش أن يكون كل من خرج من السلف ومنهم الحسين بن علي خوارج وكان خروج ابن الأشعث
سنة 81 هـ حتى 83 هـ ، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه حدثت بدعة المرجئة في
أواخر عصر الصحابة ، وفي عهد عبد الملك بن مروان وعبد الله ابن الزبير ، وعبد
الملك توفي سنة 86 هـ ، وابن الزبير قتل سنة 73 هـ ، وقد أنكر الصحابة والتابعون
ذلك كعبد الله بن عباس وجابر وابن عمر وغيرهم ، وهذا النوع من الإرجاء هو الذي
بدعه السلف وهو القول بأن العمل ليس من الإيمان - كما سيأتي تفصيل ذلك.
وأول من قال بالإرجاء ونشره وتكلم في الإيمان على
هذا النحو المذموم هو ذر بن عبد الله المتوفى سنة 99 هـ فهو أول من فتح باب الإرجاء
في الأمة ، ثم جاء تلميذة حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة المتوفى سنة 120 هـ
وتوسع فيه وزاد بأكثر مما تكلم فيه شيخه ذر المرهبي ، فكان حماد هو أول من قال
بالإرجاء وتوسع فيه وقال بأنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان وأنه لا يزيد ولا ينقص
، ثم إن حمادً كثر أتباعه من فقهاء الكوفة على هذا المذهب الخبيث وفتنة الناس به ،
ولاسيما عندما دخل فيه من العبَّاد والزُّهاد وأهل العلم والفقه أمثال الإمام أبو
حنيفة تلميذ حماد بن أبي سليمان ، وانتشر الإرجاء أكثر وتهافت فيه الناس لما دخل
فيه عمرو بن مرة المرادي المتوفى سنة 116 هـ حيث كان عابدًا صالحًا ففتن الناس
بهفوته - ،تماماً مثل مافتن الشباب بالألباني –فقد دخل كثير من الشباب وطلبة العلم
فى الإرجاء وقالوا بهذه البدعة الخبيثة تقليدا له,ومن هؤلاء عبد العظيم الخلفي
المصري فقد أخذ هذا المذهب الإرجائي الخبيث عن شيخه أبو شقرة –ثم عاد إلى مصر
خطيبا فى الأوقاف فنشر هذا المذهب المنحرف وتبعه بعض الشباب على هذه البدعة
,فالخلفي وأمثاله مثل برهامي ومدرسته وانصار السنه والحويني ومن علي شاكلتهم فتنة
للمسلمين ,فاللهم سلم ،فقد أخرج الإمام اللالكائي عن مغيرة ، قال : لم يزل في
الناس بقية حتى دخل عمرو بن مرة في الإرجاء فتهافت الناس فيه" وقد قال عنه
أبو حاتم صدوق ثقة كان يرى الإرجاء ووصمه بالإرجاء ابن حبان وابن حجر وغيرهما
" فعلى هذا الترتيب يتضح أن الحسن بن محمد بن الحنفية بريء من هذا الإرجاء
المذموم براءة تامة .
وأن أول من قال بالإرجاء وتكلم في الإيمان ذر بن
عبد الله ثم أتى تلميذه حماد بن أبي سليمان وتوسع فيه وفرع وابتدع ، ثم انتشر
أتباع حماد في الأمصار وقال ببدعته كثير من فقهاء الكوفة وعبادها أمثال أبو حنيفة
المتوفى سنة 150 هـ وهو أشهرهم لأنه إمام وصاحب مذهب متبوع فتُنسب الإرجاء
والمرجئة إليه مع أنه قال بالإرجاء من العباد غيرهم أمثال إبراهيم التيمي المتوفى
سنة 92 هـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله : " الذين رموا بالإرجاء من
الأكابر مثل طلق بن حبيب ، وإبراهيم التيمي ونحوهما كان إرجاؤهم من هذا النوع
وكانوا أيضًا لا يستثنون في الإيمان ، وكانوا يقولون هو الإيمان الموجود فينا ونحن
نقطع بأنا مصدقون ، ويرون الاستثناء شكًا"
أصناف وأقسام المرجئة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصنف الأول:
القائلون بتأخير العمل عن الإيمان ، وبأن الإيمان
لا يزيد ولا ينقص ، وأنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان ، وهؤلاء هم المرجئة على
الإطلاق ، ويدخل فيهم : كثير من أهل الكلام كالأشاعرة والماتريدية ، وأبو حنيفة
وكثير من أتباعه ، وبعض الفقهاء ؛ ويسمون مرجئة الفقهاء .
وأصل قولهم في الإيمان أنه : قول باللسان وتصديق
بالقلب ، وهو قول الكُلَّابية أتباع أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كُلَّاب القطان
البصري مؤسس فرقة الكُلَّابية ، ورأس المتكلمين في البصرة ، وكان يقول الإيمان هو
: الإقرار بالله وبكتبه وبرسله إذا كان ذلك عن معرفة وتصديق بالقلب ، وهو قول أبي
حنيفة كما نقله الإمام الطحاوي في عقيدته - وهو من أئمة الأحناف المتقدمين ،
والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق.
ونقله عنه شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي -
فقال : " ذهب كثير من أصحابنا إلى ما ذكره الطحاوي - : أن الإيمان إقرار
باللسان وتصديق بالجنان " فمرجئة الفقهاء الإيمان عندهم هو إقرار باللسان
وتصديق بالجنان .
والخلاف بين السلف ومرجئة الفقهاء ( ومن قال
بقولهم من المعاصرين ) له آثار واضحة وأحكام مترتبة وليس خلافًا لفظيًا كما يتوهم
البعض بل هو خلاف حقيقي لذلك ذمهم السلف وشنعوا عليهم ومنها:
السلف يقولون بزيادة الإيمان ونقصانه وهؤلاء
يقولون بعدمها.
إطلاقه – أي لفظ الإيمان - على الفاسق أو عدمه
فالسلف لا يطلقونه على الفاسق إلا مقيدًا وهؤلاء بعكسهم.
هل يقع الإيمان تامًا في القلب مع عدم العمل أم
لا ؟ عند السلف لا يقع تامًا في القلب مع عدم العمل ؛ بل لا يكون إلا الكفر : سواء
كفر إعراض وترك ، أو كفر تولي عن العمل ، وعند هؤلاء يقع.
وعند السلف أعمال القلب من الإيمان ، وعند هؤلاء
خشية وتقوى لا تدخل في حقيقته.
وعند السلف الإيمان يتنوع باعتبار المخاطبين به
وعند هؤلاء لا يتنوع .
السلف يقولون إنه يستثنى فيه باعتبار ، وهؤلاء
يقولون لا يجوز ذلك لأنه شك .
إطلاق نصوص الإيمان على العمل أهو حقيقة أم مجاز؟
فالسلف يقولون حقيقة ، وهؤلاء عندهم مجاز ولب الخلاف بين السلف وهؤلاء المرجئة (
سواء مرجئة الفقهاء أو مرجئة العصر ) أن السلف يرون أن تارك العمل بالكلية - جنس
العمل - كافراً باطنًا وظاهرًا ، أما هؤلاء فيرونه مؤمنًا ناجيًا في الآخرة ، وهذه
هي أصل المعركة بين السلف وبين المرجئة قديمًا وحديثًا ، ومن فهم قول السلف وتمكن
منه ظهر له فساد الفرق التي انحرفت عن الحق وكل من قال بقولهم من الفقهاء والعباد
ـولكن كثير من الشباب وطلبة العلم لايحققون مذهب الصحابة والسلف فى الإيمان والكفر
ولايكلفون أنفسهم عناء البحث و تحقيق المسألة وتعلمها
الصنف الثاني المرجئة الغالية :
----------------------------
وهم مرجئة الجهمية والغيلانية أتباع غيلان ،
والشمرية وهم أصحاب أبي شمير ويونس السمري ويسمون السمرية ، والنجارية أتباع
الحسين بن محمد النجار الرازي من فرق المعتزلة وتسمى الحسينية وهم ثلاث فرق
البرغوثية والزعفرانية والمستدركة .
والجهمية هم أول من غلا في الإرجاء ويقولون :
الإيمان هو المعرفة بالله وبرسله وفرائضه المجمع عليها والخضوع له بجميع ذلك ،
ويدخل في هؤلاء الشيبية أتباع محمد بن شيب ؛ وهؤلاء الإيمان عندهم هو : الإقرار
بالله والمعرفة بأنه واحد ، وبشر المريسي وابن الراوندي الملحد أتباع جهم يقولان :
إن الإيمان هو التصديق بالقلب وباللسان جميعًا ، والمريسي وابن الراوندي كفَّرهما
السلف لإلحادهما وكفرهما.
والكرَّامية أتباع محمد بن كرَّام المتوفى سنة
255 هـ المجسمة والمشبهة يزعمون أن الإيمان هو : الإقرار والتصديق باللسان دون
القلب ، فالإيمان قول اللسان فقط ، وافترقت المرجئة وهم اثنتا عشرة فرقة ذكرها شيخ
الإسلام وذكر أقوالهم والرد عليهم مجملاً ومفصلاً وفند شبهاتهم وأوقفهم على سبب
الانحراف عندهم
الصنف الثالث :
--------------
الذين أرجأوا الحكم في صاحب الكبيرة ، وتارك
الفرائض في الآخرة فلا يحكمون له لا بجنة ولا نار ، وهذا الصنف مذموم لأن أصحابه
يرون أن العمل والترك لا يضر مع المعرفة والتصديق ، وهذا القول فرع عن قول الجهمية
إلا أن الجهمية يحكمون لمن عرف الرب بالجنة مطلقًا مهما عمل أو ترك ، أو هو لازم
قولهم ، وهذا هو حقيقة قول مدرسة الأردن ومدرسة الإسكندرية على التحقيق ؛ فإنهم مع
قولهم أن الإيمان : اعتقاد وقول وعمل إلا أنهم يقولون تارك العمل بالكلية مع
القدرة والتمكن وعدم العجز, ناجٍ من الخلود في النار ، ويقولون هو تحت المشيئة مثل
أصحاب الكبائر مهما عمل من كفر ، وترك من أعمال تركها كفر فهو تحت المشيئة ومآله
إلى الجنة لا يخلد في النار ، أو يتوقفون فيه ويرجئون أمره إلى الله في الآخرة ،
وهذا هو أصل قول المرجئة والإرجاء خروج العمل من الإيمان ولكن هذا هو الإرجاء في
طوره الجديد ، نسأل الله العافية والسلامة
والمرء يعجب : من أين دخلت عليهم الشبهة ؟
أمن دراستهم الأشعرية والماتريدية في الأزهر,أم
تقليدهم الألباني -
أم من قول ابن حجر في الفتح والطحاوي وابن أبي العز
في الطحاوية .
أم من بعدهم عن العلماء وتلقي العلم من الكتب .
أم من عدم تحريرهم مذهب السلف والإطلاع على ذم
السلف للمرجئة ومن
قال بالإرجاء - كما سبق –
أم الهوى والتعصب وعدم التجرد لقبول قول السلف
بالتسليم .
أم من التدقيق في الشبهات بالعقل والمنطق .
وقد مر معك أن عدم الوقوف على ما وقف عليه السلف
وإقحام العقل في الأدلة هو سبب الانحراف ، فيجب على المسلم الخائف من الله ومن زيغ
القلب أن يقف مثل ما وقف السلف ، ويسعه ما وسعهم وعليه لزوم غرزهم حتى ينجوا مثلهم
نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة ،
الصنف الرابع:
-------------
وهم الذين يقولون الإيمان قول اللسان فقط ، وهذا
لا يعرف لأحد قبل الكرَّامية أتباع محمد بن كرَّام المتوفى سنة 255 هـ ومن
بِدَعِهم المشهورة قولهم : بأن الله جسم وأنه محل للحوادث ، وقولهم : إن الإيمان
هو الإقرار والتصديق باللسان وأنكروا أن تكون معرفة القلب أو عمل الجوارح من
الإيمان ، وزعموا أن المنافقين مؤمنون على الحقيقة ، مستحقون للعقاب في الآخرة
فنازعوا في اسمه لا في حكمه يقول شيخ الإسلام - رحمه الله : " وهذا القول هو
الذي اختصت به الكرامية وابتدعته ولم يسبقها أحد إلى هذا القول وهو آخر ما أحدث من
الأقوال في الإيمان "
وعلى هذا
يمكن إجمال أصناف المرجئة إلى ثلاثة أصناف - بعد هذا التفصيل :
الأول:
------
الذين يقولون : الإيمان مجرد ما في القلب ، ثم من
هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أكثر فرق المرجئة ؛ لأن الخلاف في عمل الجوارح
وليس في أعمال القلوب ، ومنهم من لا يدخلها في الإيمان كجهم ومن اتبعه كالصالحي
وغيره.
الثاني:
-------
الذين يقولون : الإيمان هو مجرد قول اللسان وهذا
قول الكرامية ، مع أن بعض مرجئة العصر يرى قول الكرامية ؛ ويقول أحدهم : إن القول
ينفع وإن لم يكن معه عمل ، ويستدل على هذا الزعم الباطل بحديث البطاقة ، ويقول دخل
الجنة وليس معه إلا قول اللسان لا إله إلا الله ولم يعمل قط ، وهذا دخلت عليه
الشبهات التي دخلت على الجهمية والكرامية من أن الإيمان هو المعرفة أو التصديق أو
القول ، مع أن الأدلة الصريحة من القرآن والسنة وإجماع السلف تدل على أن الإيمان
قول وعمل - كما مر معك - فكيف يكون الإيمان قول باللسان وصاحبه ناجٍ من الخلود في
النار يوم القيامة ؟ وكيف يكون كافرًا في الدنيا مؤمنًا في الآخرة ، وكيف تقول في
الأدلة المتواترة على أن الإيمان قول وعمل لا يصح ولا ينفع ولا يجزئ واحد دون
الآخر؟
الثالث:
------
تصديق القلب وقول اللسان وهذا هو المشهور عن أهل
الفقه والعبادة من مرجئة الفقهاء ، وهؤلاء غلطوا من وجوه :
أحدها : ؛؛؛؛
ظنهم أن الإيمان الذي فرض الله على العباد متماثل
في حق العباد
ثانيها :؛؛؛؛؛
ظنهم أن ما في القلب من الإيمان ليس إلا التصديق
فقط دون أعمال القلوب كما تقدم عن جهمية المرجئة.
والوجه الثالث في غلطهم :؛؛؛
ظنهم أن الإيمان الذي في القلب يكون تامًا بدون
شيء من الأعمال ، ولهذا يجعلون الأعمال ثمرة الإيمان ومقتضاه بمنزلة السبب ،
ويجعلونها كمال فيه ، ولا يجعلونها لازمة له ، والتحقيق أن إيمان القلب التام
يستلزم العمل الظاهر بحسبه لا محالة ويمتنع أن يقوم بالقلب إيمان تام بدون عمل
ظاهر.
موقف السلف من المرجئة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنكر السلف مقالات المرجئة إجمالاً وتفصيلاً
وردوا عليهم وأغلظوا لهم القول
أما الإجمال فإنهم كرهوا الخوض في مسمَّى الإيمان
ومسائله ، والسؤال عنه ، وامتحان الناس به وسؤالهم هل أنت مؤمن ؟ ، وعدوه من
التكلف في الدين خلاف ما كان عليه الرسول صل الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضى
الله عنهم جميعًا.
أما التفصيل : فإنهم بدَّعوا من قال في تعريف
الإيمان بأنه التصديق والتصديق والقول وأن الأعمال لا تدخل في مسمَّى الإيمان ،
وبدَّعوا من منع الاستثناء في الإيمان ، وبدَّعوا من قال بعدم الزيادة والنقصان أو
أحدهما ، وكفَّروا من قال الإيمان هو المعرفة ، وكفَّر بعض السلف الكرَّامية الذين
قالوا : الإيمان قول اللسان كما نُقل عن وكيع بن الجراح والإمام أحمد بن حنبل
وغيرهم من السلف - رحمهم الله جميعاً ، أما الجهم بن صفوان المعطِّل رأس الجهمية
فقد كفَّره السلف لأنه يقول الإيمان هو المعرفة فقط دون الإقرار والعمل بسائر
الطاعات .
و تكلمنا عن حقيقة الإيمان عند أهل السنة
والجماعة وقلنا أنه مركب من أركان ثلاثة لا يصح أحدهم بدون الآخر وهي الاعتقاد
والقول والعمل وأن الأعمال من الإيمان وركن فيه ، وهذا مما خالف فيه المرجئة أهل
السنة .
وكذلك الكفر عند أهل السنة يكون بالاعتقاد
وبالقول وبالعمل وبالشك وبالترك ، وهذا أيضًا مما خالفت فيه المرجئة أهل السنة ؛
فخالفوهم في الإيمان والكفر ، فحقيقة الإيمان عند المرجئة هو التصديق بالقلب وزادت
بعض فرق المرجئة الإقرار باللسان كشرط لإرجاء أحكام الدنيا ، وليس الإقرار داخلاً
في حقيقة الإيمان عند جمهور المرجئة - كما مر معك - ومن المعلوم أن المرجئة أقسام
عدة وأنواع مختلفة وطوائف شتى ، وكل طائفة لها قول مختلف عن الأخرى ، وإن كانوا
جميعًا يجمعهم خروج العمل من مسمى الإيمان ، نقول ذلك حتى لا يفهم البعض أن
المرجئة قسمًا واحدًا ، فالمرجئة فرق عديدة ذكر الأشعري في المقالات والملطي في
الرد والتنبيه إنهم اثنتا عشرة فرقة ، منهم مرجئة خالصة ومنهم من يجمع مع الإرجاء
بدع أخرى ويجمعهم إخراجهم العمل من مسمى الإيمان ، وتختلف فرق المرجئة في تعريفها للإيمان
وحاصل أقوالها يرجع إلى ثلاثة أقوال :
-----------------------------------
الأول:
أن الإيمان مجرد المعرفة ، وبعضهم يقول المعرفة
والتصديق مع دخول عمل القلب ، ومنهم من لا يدخله كجهم بن صفوان.
الثاني:
أن الإيمان مجرد قول اللسان فقط وهو ما انفردت به
الكرامية دون سائر الفرق وهو الإقرار والتصديق باللسان.
الثالث:
أن الإيمان هو تصديق القلب وقول اللسان وهو ما
يسمى بإرجاء الفقهاء ، وهؤلاء جميعًا اتفقوا على خروج أعمال الجوارح من مسمى
الإيمان مع تفاوت بينهم في التصديق والمعرفة والإقرار
وقد انقسمت المرجئة إلى طوائف في شأن من قال أو
فعل ما ورد النص بكفر فاعله:
منهم من قال: كل من نص الشارع على كفره فهو كافر
ظاهرًا وباطنًا ، ليس بالعمل المكفر ولكن لأن العمل المكفر أمارة على أنه مكذِّب
بقلبه ، وهذا هو قول الأشاعرة والأحناف والفقهاء.
ومنهم من قال: كل من نص الشارع على كفره وهو كافر
في الظاهر ويجوز أن يكون مؤمنًا في الباطن ، وهذا قول الجهمية وهو قول في غاية
الفساد لأن من أخبر الله بكفره فهو كافر ظاهرًا أو باطنًا.
ومنهم من قال: أن من نص الشارع على كفره لا يحكم
عليه بالكفر إلا أن يصرح بالجحد وهو الإنكار الظاهر باللسان أو الاستحلال القلبي ،
وهؤلاء كفرهم السلف ـ كما سبق ـ وهو قول مرجئة العصر ,فهم جهمية فى باب الكفر
يقيدون الكفر الأكبر بالجحود والاستحلال والإعتقاد والقصد القلبى ,وهو ماصرح به
الخلفى والمراكبى والعفانى والعدوي وبرهامي والحويني ومن علي شاكلتهم وغيرهم من
دعاة الإرجاء فى زماننا
فقال الأشاعرة ومرجئة الفقهاء هو كافر ظاهرًا
وباطنًأ ولكن ليس بنفس القول أو الفعل المكفر بل لأنه أمارة على أنه مكذِّب بقلبه
، وهؤلاء هم أصحاب القول الأول.
وقالت الجهمية هو كافر في الظاهر لورود النص
بكفره ، ويجوز أن يكون مؤمنًا في الباطن إذا كان تصديقه مازال قائمًا ، وهؤلاء هم
أصحاب القول الثاني.
غلاة المرجئة المعاصرة : جاءوا بدين جديد وقول
جديد لم يسبقهم إليه أحد ، فقالوا لا يكفر هذا إلا أن يجحد أو يستحل ويصرح بذلك ،
ومعلوم أن الجحود والاستحلال عمل قلبي ، فقالوا حتى لو كفر لا نحكم بكفره حتى نعرف
قلبه أجحد أو لا ، ونحن لا نعرف ما في قلبه إذًا لا نستطيع أن نكفره مع إثباته
الفعل المكفِّر والقول المكفِّر لأننا لا نعلم حقيقة ما في قلبه ، وهذا قول يخالف
أهل السنة من كل وجه وليس اختلافًا لفظيًا كما يدعيه البعض ، بل الخلاف معهم حقيقي
وتترتب عليه آثار كبيرة لأن الكفر قد يقع بالقول أو العمل أو الفعل أو الاعتقاد أو
الشك ، وأحكام الدنيا تجري على الظاهر من إسلام وكفر ، فقد يقع الكفر بقول اللسان
المكفر أو بعمل الجوارح أو باعتقاد القلب وشكه ، فيكون الكفر بالقول والعمل
والاعتقاد لأن الإيمان مركب من القول وهو قولان : قول القلب وقول اللسان ، والعمل
وهو عملان : عمل القلب وعمل الجوارح ، وبهذا يتضح فساد مذهب المرجئة وبطلانه
وإسقاطهم واجبات القلب الإيمانية وهي العلم بما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم
إجمالاً والتصديق به والانقياد له بالعمل ، وضد العلم الجهل ، وضد التصديق التكذيب
وتقع بالقلب واللسان ، فليس التكذيب ضد العلم ولكنه ضد التصديق ،
كما قال الإمام ابن القيم في المدارج وطبقات
المكلفين,آخر كتاب طريق الهجرتين
فمن لم يعلم شيئًا عن الرسول صل الله عليه وسلم
وما جاء به فهو كافر كفر جهل، ومن علم ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم ولم
يصدقه بقلبه ولا بلسانه فهو كافر كفر تكذيب,
ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم
وصدقه بقلبه وكذبه بلسانه فهو كافر كفر جحود ،
ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم
وكذبه بقلبه وصدقه بلسانه فهو كافر كفر نفاق ،
ومن علم ما جاء به الرسول صل الله عليه وسلم
وصدقه بقلبه ولسانه ولم ينقد له بالعمل فهو كافر كفر إعراض ، ومن هنا تعلم انحراف
مرجئة العصر ، وإن كانت المرجئة المعاصرة هي امتداد للمرجئة القديمة إلا أن مرجئة
العصر أتوا بقول لم يقله أحد غيرهم ، وهو من التلبيس والتدليس بمكان قالوا إن
الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وهذا بلا ريب هو تعريف
الإيمان عند أهل السنة - كما سبق -
لكن زيفهم وضلالهم وتلبيسهم يظهر عندما تقول لهم
، وما منزلة الأعمال من الإيمان؟ سيقولون إنها كمال فيه ، جاء بأعمال الجوارح عمل
أو لم يعمل فهو مؤمن ، وتخلف أعمال الجوارح بالكلية مع قدرته يُنقِص إيمانه ولا
ينقضه لأن الأعمال وإن كانت داخلة في مسمى الإيمان إلا أنها ليست منه ، ولذلك أن
تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة التامة والتمكن وعدم العجز مسلم مؤمن ، وهو
تحت المشيئة مثل أصحاب الكبائر ، إن شاء الله غفر له ابتدءًا دون سابقة عذاب ،
ودخل الجنة بالتصديق وقول اللسان مع عدم انقياده بالطاعة ووقوعه في كفر الإعراض ،
وإن شاء عذبه بقدر أصحاب الكبائر ولكن مآله إلى الجنة مساويًا تمامًا مع من تعب
وخاف وانقاد بالعمل في الدنيا فهم سواء لا فرق !! هكذا يقولون انظر إلى هذا القول
الفاسد ، هل قال جهم ذلك ؟ هل قالت الكرامية ذلك ؟ هل قال مرجئة الفقهاء ذلك ؟
والعجب كل العجب أنهم ينسبون هذا القول إلى السلف ويجرؤن الناس على المعاصي وترك
العمل والوقوع في الكفر والزندقة والاكتفاء بالمعرفة وتصديق القلب فلماذا العمل
إذًا والكل سواء نهايتهم في الجنة ؟ ولماذا فرض الله الفرائض وأوجب الواجبات إن
كان الناس فيها سواء ، عبثًا ولهوًا كان السلف يعملون عندما فهموا عن الله ورسوله
أن تارك العمل معرض عن الله متولٍ عن الطاعة كافر في الدنيا لكنه يوم القيامة مآله
إلى الجنة والنعيم المقيم .
ما فائدة الأعمال إذا كان الكل سواء في النهاية
لماذا التعب والنصب والخوف من سوء الخاتمة ، وأي خاتمة مهما كانت فهي في الدنيا
فقط وإن عُذِّب في النار فترة من الوقت لكن النهاية يتطهر ويدخل الجنة بالإيمان
الذي في قلبه هل رأيتم قولاً أخبث من هذا؟ هل رأيتم هدمًا للدين وتمييعًا للإسلام
في صورة السلف والسلفية أوضح من هذا المذهب الخبيث؟ إذن ما هو الكفر الذي يخلد
صاحبه في النار؟ أهو الجحود والاستحلال القلبي والكفر الاعتقادي؟ لذلك لا تعجب من
ضلال هؤلاء عندما تراهم يدافعون عن الطواغيت وأنصارهم وجنودهم ، ويثبتون لهم
الإسلام ، ويعتقدون فيهم أنهم ولاة الأمر الواجب على المسلمين السمع والطاعة لهم ،
فهؤلاء الطواغيت لا يكفرون لأنهم يقولون لا إله إلا الله ، ولم يكفروا بقلوبهم ولم
يستحلوا ولم يجحدوا الحكم بما أنزل الله؟
لا تعجب من هؤلاء عندما تراهم يحاربون أهل السنة
ويرمونهم بالغلو في التكفير والتشدد والإرهاب والتطرف واستعداء الطواغيت عليهم؟
لا تتعجب من تنحية شرع الله ومحاربة أولياء الله
والصد عن سبيل الله.
لا تعجب من ظهور الشرك والكفر والإلحاد
والعلمانية وعبادة القبور والأضرحة وصرف العبادة التي هي حق لله ، لغير الله ،
فهؤلاء مسلمون جهلة لا يعرفون الله ، والله يعذرهم ويدخلهم الجنة بجهلهم وإن لم
يعملوا بالإسلام فهم في الجنة؟
لا تعجب من كل هذه المصائب و الابتلاءات و المحن
التي تنزل بالمسلمين وبلادهم كل ذلك من آثار لوثة الإرجاء الخبيثة ، الإيمان في
القلب ها هنا
، وقد ترتب على هذا الأصل الفاسد آثار مدمرة
نتيجة هذا الاعتقاد الخبيث وهو أن الإيمان التصديق وأن محله القلب ، وكذلك ضده
ونقيضه وهو الكفر ومحله أيضًا القلب
ترتب على ذلك الفهم والتأثر بهذا القول الوقوع في
عدة أخطاء في موضوع الإيمان والكفر غير الذي سبق منها:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أن الإيمان شيء واحد غير مركب من شعب لأن
التصديق واحد إذا زال بعضه زال كله
2- أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص لأن التصديق شيء
واحد ولو نقص لصار شكًا وهو كفر.
3-أن الناس فى أصل الإيمان سواء ، الفاجر كالتقي
كلهم إيمانهم كإيمان النبي وجبريل لأن الإيمان شيء واحد.
4-أن العمل ليس من الإيمان لأن الإيمان تصديق
القلب وإنما العمل ثمرة الإيمان وإن سُمِّي العمل إيمانًا مجازًا.
5-أن الفاجر الفاسق مؤمن كامل الإيمان مادام
مصدقًا وهذا من قبائحهم.
6-أن أهل الإيمان لا يتفاضلون فيه بل إيمانهم على
السواء ، وإنما يتفاضلون في الأعمال والأعمال ليست من الإيمان عندهم ، فيكون المآل
إلى الجنة ، الكل سواء.
7-أنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان ، وهو قول :
أنا مؤمن إن شاء الله ؛ لأنه شك ، والشك في الإيمان الذي هو التصديق كفر ، بل يقول
: أنا مؤمن حقًا وقطعًا.
8-أن الكفر هو التكذيب لا غير أو ما هو راجع إلى
التكذيب كالجحود والاستحلال ، لأن الكفر هو نقيض الإيمان ، والإيمان تصديق القلب
فليس الكفر تكذيب القلب ، فاشترطوا للتكفير كفر القلب لأجل الحكم بالكفر ، وإلا لا
تكفير إلا بالجحود والاستحلال القلبي,وهذا هو قول مرجئة العصر أمثال الخلفى
والمراكبى والحلبى وهشام البيلى والعفانى وبرهامى والزغبى والحويني وحسان وغيرهم
وهذا ماتتبناه وتنشره وتدعوا إليه الجماعات الحزبية مثل أنصار السنة المحمدية فى
مصر ,ومدرسة الإسكندرية ,ومدرسة الأردن...
ومن أخطائهم المترتبة على هذا الفهم في موضوع
التكفير ،
9-الخلط بين قصد الكفر وقصد العمل المكفر ،
فالمعتبر عند أهل السنة هو قصد العمل المكفر وليس قصد الكفر لأنه لا يقصد الكفر
أحد إلا أن يشاء الله كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله
10- اشتراط شرح الصدر بالكفر لأجل الحكم بالكفر؛
مع أن انشراح الصدر بالكفر زيادة في الكفر
11- حصر أسباب الكفر في كفر الاعتقاد وهو كفر
القلب أو تقييد الكفر بكفر القلب.
12- القول بأنه لا كفر إلا بالجحد والاستحلال
وهذا مرجعه إلى تكذيب النصوص وقد أشكل على المرجئة أن هناك أقوالاً وأفعالاً نص
الشارع على كفر فاعلها.
هذه بعض الآثار والمفاسد المترتبة على القول بأن
الأعمال ليست من الإيمان وأن كانت داخله فيه لفظًا إلا أنها ليست منه على الحقيقة
وأن تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة مسلم وليس بكافر.
وقد ترتب على هذا القول الفاسد الضال الخبيث هذه
الانحرافات السابقة
وأعظمها التهوين من شأن العمل عند كثير من الناس
والمنتسبين إلى الإسلام لأن مدار النجاة من الخلود في النار على ما في القلب من
إيمان مع قول اللسان ،
وأعظمها وأشنعها تنحية شرع الله بالكلية ، وسن
القوانين الوضعية وإلزام الناس بها والتحاكم إليها ، ومعاقبة كل من لم يتحاكم
إليها أو يخالفها ومحاربة ومطاردة كل من يطالب بتحكيم شرع الله واتهامه بالإرهاب
والتطرف والغلو، ونقض عُرى الإيمان والولاء والبراء والحب والبغض وانتشار شرك
النسك والولاية للكفار واليهود والنصارى والركون إليهم بالكلية ؛ والواقع خير شاهد
على كل ذلك ، والسجون والمعتقلات تحكي لك قصص أهل التوحيد والجهاد المتمسكين بمذهب
أهل السنة والجماعة وبما كان عليه رسول الله وصحابته الكرام –
مذهب السلف في حقيقة الإيمان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الإمام الآجري –رحمه الله- في كتابه الشريعة
: باب القول بأن الإيمان تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح لا يكون مؤمنا
إلا أن تجتمع فيه هذه الخصال الثلاث.
[اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم -: أن الذي
عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق وهو تصديق بالقلب وإقرار
باللسان وعمل بالجوارح
ثم اعلموا: أنه لا تجزيء المعرفة بالقلب والتصديق
إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا ولا تجزيء معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى
يكون عمل بالجوارح فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث: كان مؤمنا، دل على ذلك الكتاب
والسنة وقول علماء المسلمين.
فأما ما لزم القلب من فرض الإيمان: فقول الله عز
وجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ
مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ
[المائدة:41].
وقال تبارك وتعالى: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن
بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ
وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل: 106].
وقال سبحانه وتعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ
آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14].
فهذا مما يدلك على أن علم القلب بالايمان وهو
التصديق والمعرفة ولا ينفع القول به إذا لم يكن القلب مصدقا بما ينطق به اللسان مع
العمل فاعلموا ذلك.
وأما فرض الإيمان باللسان: فقول الله عز وجل:
قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَفَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم
بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [البقرة:136-
137].
وقال جل وعلا: قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا
أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [آل عمران: 84].
وقال النبي : [ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا:
لا إله إلا الله وأني رسول الله ] وذكر الحديث
فهذا الإيمان باللسان نطقا فرض واجب
وأما الإيمان بما فرض على الجوارح تصديقا بما آمن
به القلب ونطق به اللسان:
فقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: 77]
وقال جل وعلا: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ
الزَّكَاةَ في غير موضع من القرآن ومثله فرض الصيام على جميع البدن ومثله فرض
الجهاد بالبدن وبجميع الجوارح.
فالأعمال - رحمكم الله تعالى – بالجوارح: تصديق
للإيمان بالقلب واللسان فمن لم يصدق الإيمان بعمل جوارحه(1): مثل الطهارة والصلاة
والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه [لهذه] ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن
مؤمنا ولم تنفعه المعرفة والقول وكان تركه العمل تكذيبا منه لإيمانه وكان العمل
بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه وبالله تعالى التوفيق.
وقد قال الله عز وجل لنبيه : لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل: 44].
فقد بين لأمته شرائع الإيمان: أنها على هذا النعت
في أحاديث كثيرة وقد قال عز وجل في كتابه وبين في غير موضع: إن الإيمان لا يكون
إلا بعمل وبينه رسوله خلاف ما قالت المرجئة الذين لعب بهم الشيطان
قال الله عز وجل: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن
تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ
مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ
وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ
الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ
وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة: 177]. ...سأل أبو ذر
رضي الله عنه النبي عن الإيمان فتلا هذه الآية.
أخبرنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا سلمة بن
شبيب قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد قال:
إن أبا ذر رضي الله عنه سأل رسول الله عن الإيمان ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: قال
تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ حتى ختم الآية
... وبهذا الحديث وغيره احتج أحمد بن حنبل في
كتاب الإيمان: إنه قول وعمل وجاء به من طرق.
... عن أبي ذر رضي الله عنه قال: جاء رجل فسأله
عن الإيمان ؟ فقرأ عليه: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ
الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قال: - يعني الرجل - ليس عن البر سألتك قال: قال له أبو
ذر رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي فسأله كما سألتني فقرأ كما قرأت عليك فأبى أن
يرضى كما أبيت أن ترضى فقال: ادن مني فدنا منه فقال : المؤمن الذي يعمل حسنة فتسره
ويرجو بها وإن عمل سيئة فتسوؤه ويخاف عاقبتها.
... اعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم يا أهل
القرآن ويا أهل العلم ويا أهل السنن والآثار ويا معشر من فقههم الله عز وجل في
الدين بعلم الحلال والحرام - إنكم إن تدبرتم القرآن كما أمركم الله عز وجل علمتم
أن الله عز وجل أوجب على المؤمنين بعد إيمانهم به وبرسوله: العمل وأنه عز وجل لم
يثن على المؤمنين بأنه قد رضي عنهم وأنهم قد رضوا عنه وأثابهم على ذلك الدخول إلى
الجنة والنجاة من النار إلا بالإيمان والعمل الصالح وقرن مع الإيمان العمل الصالح
لم يدخلهم الجنة بالإيمان وحده حتى ضم إليه العمل الصالح الذي قد وفقهم له، فصار
الإيمان لا يتم لأحد حتى يكون مصدقا بقلبه وناطقا بلسانه وعاملا بجوارحه لا يخفى
من تدبر القرآن وتصفحه وجده كما ذكرت.
واعلموا - رحمنا الله تعالى وإياكم - أني قد
تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعا من كتاب الله عز وجل: أن
الله تبارك وتعالى لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده بل أدخلهم الجنة برحمته
إياهم وبما وفقهم له من الإيمان به والعمل الصالح وهذا رد على من قال: الإيمان:
المعرفة ورد على من قال: المعرفة والقول وإن لم يعمل نعوذ بالله من قائل هذا.
فإن قال قائل: فاذكر هذا الذي بينته من كتاب الله
عز وجل ليستغني غيرك عن التصفح للقرآن.
قيل له: نعم والله تعالى الموفق لذلك والمعين
عليه.
قال الله تبارك وتعالى: وَبَشِّرِ الَّذِين
آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا
الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا
أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 25].
وقال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ
أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
[البقرة: 277].
وقال تبارك وتعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ
فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن
نَّاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ
أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران:56- 57].
وقال عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ
الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ
ظِـلاًّ ظَلِيلاً [النساء: 57].
وقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ
وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ
اللّهِ قِيلاً [النساء: 122].
وقال جل وعلا: لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن
يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ
عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ
وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ [النساء:172- 173].
وقال تبارك وتعالى: فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا
قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاء الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا
أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [المائدة:85- 86]
وقال عز وجل: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ
إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [الأنعام: 48].
وقال عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ
الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ
الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ
تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا
لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ
رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا
بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف: 43].
وقال عز وجل: الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ
وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً
عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ
وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا
أَبَداً إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التوبة:20- 22]
وقال عز وجل: لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ
آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ
الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التوبة: 88].
... اعتبروا رحمكم الله بما تسمعون لم يعطهم
مولاهم الكريم هذا الخير كله بالإيمان وحده حتى ذكر عز وجل هجرتهم وجهادهم
بأموالهم وأنفسهم
وقد علمهم أن الله عز وجل لما ذكر قوما آمنوا
بمكة ولم يهاجروا مع رسوله ماذا قال فيهم وهو قوله: وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ
يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ
[الأنفال: 72].
ثم ذكر قوما آمنوا بمكة وأمكنتهم الهجرة إليه فلم
يهاجروا فقال فيهم قولا هو أعظم من هذا وهو قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ
قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ
اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ
وَسَاءتْ مَصِيراً [النساء: 97].
ثم عذر - جل ذكره - من لم يستطع الهجرة ولا
النهوض بعد إيمانه فقال عز وجل: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ
سَبِيلاً فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ
عَفُوّاً غَفُوراً [النساء:98- 99].
... كل هذا يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب وقول
باللسان وعمل بالجوارح ولا يجوز إلا هذا ردا على المرجئة الذين لعب بهم الشيطان
حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد انعقد اجماع أهل السنة والجماعة على أن
الإيمان قول وعمل وهو مركب من قول القلب وقول اللسان ,وعمل القلب والجوارج ,وأن
الأعمال من الإيمان وركن فيه ,ومن الأعمال مايزول الإيمان بزوالها ,ومنها ماينقص
الإيمان بزوالها ,فهو ثلاثة مراتب
أصل الإيمان ,الإيمان الواجب ,الإيمان المستحب
,ولايزول الإيمان بالكلية إلا بزوال أصله ,خلافا للخوارج والمرجئة
فالإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد بالطاعة وينقص
بالمعصية ,ينقص حتى لايبقى منه شيئ ,وكذلك الكفر يكون بالإعتقاد وبالقول وبالعمل
وبالشك وبالترك ,وليس محصورا فى القلب بالجحود والإستحلال كما تزعم المرجئة
وأصل هذا القول مستفاد من استقراء الكتاب والسنة
, وفهم الصحابة لهما , ودلالة لغة العرب لألفاظهما وعليه فالعبد عند أهل السنة
بمقتضى النصوص اسمه في الدنيا مؤمن ما لم يكن صاحب كبيرة مُفسِّقة أو مُكفِّرة.
فإن كانت له مُفسقة فيسمونه مؤمنا ناقص الإيمان
بحسب معصيته , أو مؤمنا فاسقا, ويعامل معاملة المسلمين إلا في الشهادة ونحوها ,
وهو يوم القيامة من أهل الجنة تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بكبيرته أو غفر له
برحمته , وإن عذبه بها فإنه لا يخلد في نار جهنم لأنه مسلم معه أصل الإيمان.
وإن كانت بدعة مُكفرة فيقام عليه حكمُ الردة ,
ويسمونه كافرا لإجراء أحكام الكافر عليه , وهو
يوم القيامة - أي الكافر - مخلد في النار ,
الفرق الغالية في باب الأسماء والأحكام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتفق الخوارج والمعتزلة وهم الوعيدية , مع أهل
السنة على تعريف الإيمان وفارقوهم في تطبيقه حتى غلو أو تطرفوا في الأسماء
والأحكام.
فغلت الخوارج وقالت: صاحب الكبيرة اسمه في الدنيا
كافر حلال الدم والمال, وحكمه يوم القيامة أنه مخلد في نار جهنم وقالت المعتزلة:
هو - أي صاحب الكبيرة - في منزلة بين المنزلتين ليس بمؤمن ولا كافر , هذا في
الدنيا وربما يسمونه فاسقا , لكن على غير معناه عند أهل السنة والجماعة؛ بل فسقا
ينقله عن مرتبة الإيمان ولا يدخله إلى دركة الكفر , وحكمه يوم القيامة أنه خالد
مخلد في النار.
فاختلافهم مع الخوارج في اسمه في الدنيا , فلم
يصرحوا بقول الخوارج مع أنهم وافقوهم في الحكم الأخروي الذي يكون نتيجة لما قبله
من عمل؛ ولهذا سُموا ((مخانيث الخوارج)) ؟! .
وقالت الجهمية , والصالحية - أصحاب أبي الحسن
الصالحي المعتزلي - والثوبانية , والغسانية - أتباع يونس بن عون النميري - , والشبيبية
- أتباع محمد بن شبيب - , وكذا قال غيلان بن مسلم الدمشقي؛ قالوا: الإيمان هو
المعرفة والإقرار بالله ورسوله بالقلب فقط , وإن لم يكن معه قول اللسان أو عمل
الجوارح؛ فكل عارف لله بقلبه في الدنيا هو من أهل الجنة. والعكس بالعكس.
ولذا قال ابن القيم في النونية حاكيا مذهب جهم
وأضرابه:
قالوا وإقرار العباد بأنه ... خلاقهم هو منتهى
الإيمان
والناس في الإيمان شيء واحد ... كالمشط عند تماثل
الأسنان
وهؤلاء هم المرجئة المحضة.
وقالت الكرامية - أصحاب محمد بن كرام السجستاني
الزاهد , - وقول النجارية - أتباع الحسين بن محمد النَّجار من المعتزلة , - وهم
مقاتل بن سليمان وأتباعه؛ قالوا:
الإيمان هو مجرد النطق بالتوحيد بلسانه.
فمن نطق بالتوحيد عندهم فهو مؤمن كامل الإيمان
وهو في الآخرة في جنان النعيم.
والكرامية في المشهور عند العلماء هم من عامة
المرجئة , أو قل من عوامهم ومتوسطيهم!
وقالت الأشاعرة , وهو ظاهر قول الماتريدية:
إن الإيمان هو التصديق بالقلب فقط.
فافترقوا عن المرجئة المحضة بزيادة التصديق على
إقرار القلب!
وعلى قول الأشاعرة والماتريدية يُحمل قول شارح
الطحاوية :
((فمنهم من يقول: إن الإقرار باللسان ركن زائد
ليس بأصلي , وإلى هذا ذهب أبو منصور الماتريدي, ويروى عن أبي حنيفة -)) اهـ.
أما قول أبي حنيفة فهو غريب عنه , إذ إن المشهور
عنه رحمه الله كما في شرح الفقه الأكبر قوله: ((الإيمان هو الإقرار والتصديق ,
وإيمان أهل السماوات لا يزيد ولا ينقص من جهة المؤمن به , ويزيد وينقص من جهة
اليقين والتصديق , والمؤمنون مستوون في الإيمان والتوحيد , متفاضلون في الأعمال))
اهـ.
وهذا الذي اشتهر عند الحنفية وذكره شارح الطحاوية
هو ما قرره أبو جعفر الطحاوي الحنفي في عقيدته , ولذا يسمون عند أهل العلم ((مرجئة
الفقهاء)) .
أما قول أبي منصور الماتريدي فلم أقف عليه , ولو
صح لكان خلافه مع الجهمية - أصحاب المعرفية؛ بأن الإيمان معرفة بالقلب بالله
ورسوله - خلافا لفظيا إذ إن اللسان ركن زائد ليس أصليا.
وعلى هذا فالمرجئة مراتب هي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المرجئة المحضة , القائلون بأن الإيمان هو
المعرفة بالقلب فقط , والكفر هو الجهل.
2- عوام المرجئة ((الكرامية)) القائلون بأن
الإيمان هو الإقرار باللسان فقط.
3- الأشاعرة والماتردية: القائلون بأن الإيمان هو
التصديق بالجنان.
4- مرجئة الفقهاء القائلون بأن الإيمان هو
التصديق بالجنان والإقرار باللسان.
5- المرجئة المعاصرة أدعياء السلفية القائلون بأن
الإيمان اعتقاد وقول وعمل والأعمال شرط كمال
ويقولون أن الكفر كفران كفر اعتقاد مخرج من الملة
,وكفر عمل غير مخرج من الملة
ويقولون أن الكفر محصور فى الإعتقاد والجحود
والإستحلال ,ومقيد بالعلم وقصد الكفر
ويقولون أن الكفر لايقع بالقول ولا بالعمل ولا
بالشك ولا بالترك لأنه محصور فى اعتقاد القلب فقط
ومن أجل هذا الإعتقاد الفاسد بنوا مذهبهم فى عدم
تكفير الحاكم المبدل لدين الله المشرع مع الله وتارك الصلاة بالكلية ,بل وتارك
أعمال الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن وعدم العجز مسلم عندهم ,ولايكفرون مرتكب
الشرك الأكبر الظاهر الجلى ويعذرونه بالجهل لأنه جاهل بربه لايعرف التوحيد الذى
خلق الله من أجله الخلق وأنزل من أجله الكتب وأرسل الرسل ليبينوه للناس ,وهذا
المذهب خليط من الجهمية والمرجئة وليس كما يدعى البعض أنه قريب من مرجئة الفقهاء
,بل هو كما ترى قول لم يقل به أحد قبل مرجئة العصر أدعياء السلفية فهو متناقض
ينتقل أصحابه من قول إلى قول ومن مذهب إلى مذهب وأصحابه يختلفون ويفترقون فتجد
سلفية الأردن وسلفية الزرقاء وسلفية ليبيا وسلفية مصر وسلفية اسكندرية وسلفية
المنصورة وسلفية القوصية وسلفية أنصار السنة المحمدية وسلفية المدخلية وسلفية
الجامية وكل واحدة من هؤلاء تبدع الأخرى وتفسقها وتضللها ,وجميعهم متفقون على همز
ولمز أهل السنة ويرمونهم بالغلو والتشدد سلمني الله واياكم
حقيقة الإيمان ومنزلة الأعمال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( الإيمان قول وعمل قرينان لا ينفع أحدهما إلا
بالآخر)(الإمام الزهري)
( وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم
ومن أدركناهم يقولون : إن الإيمان قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا
بالآخر)(الإمام الشافعي)
( من قال الإيمان قول دون عمل يُقال له رددت
القرآن والسنة وما عليه جميع العلماء وخرجت من قول المسلمين وكفرت بالله
العظيم)(الإمام الآجري)
(فمن لم
يفعل لله شيئًا فما دان لله دينًا ، ومن لا دين له فهو كافر)(الإمام ابن تيمية)
( تارك أعمال الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن
وعدم العجز كافر قولاً واحدًا لأنه معرض عن العمل متولٍ عن الطاعة والانقياد
للشريعة فالعمل ركن فى الإيمان وليس شرطاً وهذا مذهب أهل السنة والجماعة خلافًا
للمرجئة )( أئمة الدعوة )
يقول الإمام أبو عبد الله البخاري – رحمه الله
تعالى - :
((لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم : أهل
الحجاز , ومكة , والمدينة , والكوفة , والبصرة , وواسط , وبغداد , والشام , ومصر,
لقيتهم كرات قرناً بعد قرن – أى طبقة بعد طبقة – أدركتهم , وهم متوافرون منذ أكثر
من ست وأربعين سنة –ثم أخذ فى تعدادهم على البلدان – وقال : فلما رأيت واحداً منهم
يختلف فى هذه الأشياء :
(( أن الدين : قول وعمل . . . ))
يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري بعد أن بين
–رحمه الله تعالى – معنى ((الإرجاء)) وأنه التأخير , ساق بسنده عن ابن عيينة , أنه
سئل عن الإرجاء فقال : ((الإرجاء على وجهين : قوم أرجوا أمر على وعثمان , فقد مضى
أولئك . فأما المرجئة اليوم : فهم يقولون : الإيمان قول بلا عمل . فلا تجالسوهم ,
ولا تؤاكلوهم , ولا تشاربوهم , ولا تصلوا معهم , ولا تصلوا عليهم .
وفى نقد ((المرجئة ))الذين يؤخرون العمل عن حقيقة
الإيمان عقد البخاري –رحمه الله تعالى –فى كتاب الإيمان من ((صحيحة ))قوله (( باب
خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر )) .فساق فيه مجموعة آثار للرد على
((مرجئة الفقهاء )).وهذا ((الإرجاء :تأخير العمل عن حقيقة الإيمان أخطر باب لإكفار
الأمة , وتهالكها فى الذنوب,والمعاصي , والآثام , وما يترتب عليه من إنحسار فى
مفهوم العبادة , وتميع التوحيد العملي ((توحيد الأولهيه )),وكان من أسوء أثاره فى
عصرنا ((شرك التشريع )) بالخروج على شريعة رب الأرض والسماء , بالقوانين الوضعية
فهذه على مقتضى أهل الإرجاء , ليست كفراً .
ومعلوم أن الحكم بغير ماأنزل الله معاندة للشرع ,
ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ورسوله.). أ.هـ
حقيقة الإيمان ومنزلة الأعمال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضابط ما يدخل في الإيمان من الأعمال سواء كانت
فعلا أو تركا و سواء كانت اعتقادا أو قولا أو عملا :ـ
أ - أن كل عمل يكفر تاركه ففعله من أصل الإيمان ،
مثل ؛ التصديق ، انقياد القلب ، إقرار اللسان ، و الصلاة ...
ب- كل عمل يكفر فاعله فتركه من أصل الإيمان : مثل
: الاستهزاء بالدين ، الدعاء ، الاستعانة و الاستغاثه بغير الله ، و القتال في
سبيل الطاغوت .. أو جحد واجب أو استحلال محرم أو إنكار واجب .... الخ.
وكل من لم يأت بأصل الإيمان " جملة "
أو أخل به "جزء " فهو كافر مخلد في نار جهنم .
و ضابط الذنب المكفر هو ماقام الدليل الشرعي على
أنه كفر أكبر مخرج من الملة .
ومن أتى بأصل الإيمان فقد نجا من الكفر و دخل
الجنة إما ابتداء وإما مئالا
ومن الأدلة الشرعية على ما سبق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في
الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب
أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهـــم عذاب مقيم } ، و
قوله تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن
من الخاسرين } ، و قوله تعالى : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله }
وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم
قال : ( ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة
بفضله و رحمته يقال لهم الجهنميين ) [البخاري 7450] ، و دخولهم الجنة مئالا إنما
هو بما معهم من أصل الإيمان المضاد للكفر .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صل الله
عليه وسلم : ( حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من
أراد من النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لايشرك بالله شيئا ممن أراد
أن يرحمه ممن يشهد لاإله إلا الله فيعرفونهم في النار بآثار السجود ) [رواه
البخاري
وعن أبي ذر رضى الله عنه عن النبي صل الله عليه
وسلم : ( ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لايشرك بالله شيئا دخل الجنة ) ،
قال أبو ذر : قلت ؛ وإن زنى وإن سرق ؟! ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( وإن
زنى وإن سرق ) [البخاري
وفي حديث آخر : ( أخرجوا من النار من كان في قلبه
مثقال حبة خردل من إيمان ) [البخاري.
قال ابن حجر : ( و المراد بحبة خردل هنا مازاد من
الأعمال على أصل التوحيد لقوله في رواية أخرى " اخرجوا من قال لاإله إلا الله
و عمل من الخير ما يزن ذرة .
قال محمد بن نصر المروزي : ( الكفر ضد أصل
الإيمان لأن للإيمان أصلا وفروعا , فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان , فإن قيل
والذى زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه اسم الإيمان هل فيه من ألايمان
شىء ؟ ، قالوا نعم أصله ثابت ولولا ذلك لكفر ) [تعظيم قدر الصلاة
قال ابن تيمية - في وصف أهل هذه المرتبة - : (
فعامه الناس إذا أسلموا بعد الكفر أو ولدوا على إسلام و التزموا شرائعه كانوا من
أهل الطاعة لله ورسوله فهم مسلمون و معهم إيمان مجمل - ولكن دخول حقيقة الإيمان-
إلى قلوبهم إنما يحصل شيئا فشيئا إن أعطاهم الله ذلك و إلا فكثير من الناس لا
يصلون إلى اليقين و إلى الجهاد ولو شُككوا لشكوا ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا و
ليسوا كفارا ولا منافقين بل ليس عندهم من علم القلب و معرفته و يقينه مايدرأوا
الريب ولا عندهم قوة الحب لله و لرسوله ما يقدمونه على الأهل و المال و هؤلاء إن
عفوا عن المحنة وماتوا دخلوا الجنة وان ابتلوا بمن يورد عليهم شبهات توجب ريبهم ،
فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب والى صاروا مرتابين وانتقلوا إلى نوع آخر
من النفاق [كتاب الإيمان :257]
إجماع أهل السنة على أن العمل جزء لا
يصح الإيمان إلا به
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد حكى هذا الإجماع ونقله غير واحد من أهل
السنة، بألفاظ متقاربة، يدل مجموعها على أن الإيمان لا يجزئ من دون عمل
الجوارح.ومن هؤلاء:
1- الإمام الشافعي، ت: 204هـ،
حيث قال: (وكان الإجماع من الصحابة والتابعين ومن
بعدهم ومن أدركناهم يقولون: الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا
بالآخر).
2- الإمام الحميدي، ت: 219هـ،
حيث قال: (وأخبرت أن قوما يقولون: إن من أقر
بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت، أو يصلي مسند ظهره
مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحدا، إذا علم أن تركه ذلك في
إيمانه، إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة. فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف
كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عز وجل:
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
[البينة:5] قال حنبل: قال أبو عبدالله أو سمعته يقول: من قال هذا فقد كفر بالله
ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به).
3- الإمام الآجري، ت: 360هـ،
حيث قال: (بل نقول– والحمد لله– قولا يوافق
الكتاب والسنة وعلماء المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم، وقد تقدم ذكرنا لهم: إن
الإيمان معرفة بالقلب تصديقا يقينا، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، لا يكون مؤمنا إلا
بهذه الثلاثة، لا يجزئ بعضها عن بعض، والحمد لله على ذلك).
وقال أيضا: (اعلموا رحمنا الله تعالى وإياكم: أن
الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق، وهو تصديق بالقلب،
وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.
ثم اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق
إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى
يكون عمل بالجوارح، فإذا كملت فيه هذه الثلاث الخصال كان مؤمنا. دل على ذلك الكتاب
والسنة وقول علماء المسلمين).
وقال أيضا: (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي
عليه علماء المسلمين واجب على جميع الخلق: وهو تصديق القلب، وإقرار اللسان، وعمل
الجوارح.
ثم إنه لا تجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى
يكون معه عمل بالجوارح. فإذا اكتملت فيه هذه الخصال الثلاثة كان مؤمنا، دل على ذلك
الكتاب والسنة وقول علماء المسلمين.
ولا ينفع القول إذا لم يكن القلب مصدقا بما ينطق
به اللسان مع القلب. وإنما الإيمان بما فرض الله على الجوارح تصديقا لما أمر الله
به القلب، ونطق به اللسان، لقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
[الحج:77]، وقال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]،
وفي غير موضع من القرآن، ومثله فرض الحج وفرض الجهاد على البدن بجميع الجوارح.
والأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب
واللسان.
فمن لم يصدق بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة
والصيام والحج والجهاد وأشباه هذه، ومن رضي لنفسه بالمعرفة دون القول والعمل لم
يكن مؤمنا. ومن لم يعتقد المعرفة والقول كان تركه للعمل تكذيبا منه لإيمانه، وكان
العمل بما ذكرنا تصديقا منه لإيمانه، فاعلم ذلك. هذا مذهب علماء المسلمين قديما
وحديثا، فمن قال غير هذا فهو مرجئ خبيث، فاحذره على دينك.
والدليل عليه قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلا
لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5].
4- أبو طالب المكي، ت: 386هـ،
حيث قال: وأيضا: فإن الأمة مجمعة أن العبد لو آمن
بجميع ما ذكرناه من عقود القلب في حديث جبريل عليه السلام من وصف الإيمان، ولم
يعمل بما ذكرناه من وصف الإسلام بأعمال الجوارح، لا يسمى مؤمنا، وأنه إن عمل بجميع
ما وصف به الإسلام ثم لم يعتقد ما وصفه من الإيمان، أنه لا يكون مسلما. وقد أخبر
صلى الله عليه وسلم أن الأمة لا تجتمع على ضلالة).
وقال كلاما نفيسا قبل هذا، يوضح مراده- وسيأتي
نقل أكثره- ومن ذلك قوله: (ومن كان ظاهره أعمال الإسلام، (و)لا يرجع إلى عقود
الإيمان بالغيب، فهو منافق نفاقا ينقل عن الملة. ومن كان عقده الإيمان بالغيب، (و)لا
يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام، فهو كافر كفرا لا يثبت معه توحيد).
5- الإمام ابن بطة العكبري، ت: 387هـ،
حيث قال: (باب بيان الإيمان وفرضه وأنه: تصديق
بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح والحركات، لا يكون العبد مؤمنا إلا بهذه
الثلاث.
قال الشيخ: اعلموا رحمكم الله أن الله جل ثناؤه
وتقدست أسماؤه فرض على القلب المعرفة به والتصديق له ولرسله ولكتبه وبكل ما جاءت
به السنة، وعلى الألسن النطق بذلك والإقرار به قولا، وعلى الأبدان والجوارح العمل
بكل ما أمر به وفرضه من الأعمال، لا تجزئ واحدة من هذه إلا بصاحبتها.
ولا يكون العبد مؤمنا إلا بأن يجمعها كلها حتى
يكون مؤمنا بقلبه، مقرا بلسانه، عاملا مجتهدا بجوارحه.
ثم لا يكون أيضا مع ذلك مؤمنا حتى يكون موافقا
للسنة في كل ما يقوله ويعمله، متبعا للكتاب والعلم في جميع أقواله وأعماله.
وبكل ما شرحته لكم نزل به القرآن ومضت به السنة،
وأجمع عليه علماء الأمة).
وتأمل قوله: (لا تجزئ واحدة من هذه إلا بصاحبتها)
فإنه موافق لما حكاه الشافعي: كما سبق.
6- شيخ الإسلام ابن تيمية، ت: 728هـ،
حيث قال في معرض الاستدلال على تكفير تارك
الصلاة، والمناقشة لأدلة المخالفين: (وأيضا فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة
قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة و أجمع عليه السلف، وعلى ما هو مقرر في
موضعه، فالقول تصديق الرسول، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية
لم يكن مؤمنا.
والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص، وهو
الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة. وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد،
وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، و
من لا دين له فهو كافر).
7- الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، ت: 1206هـ
حيث قال: (لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لابد أن
يكون بالقلب، الذي هو العلم؛ واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر
والنواهي، فإن أخل بشيء من هذا، لم يكن الرجل مسلما.
فإن أقر بالتوحيد، ولم يعمل به، فهو كافر معاند،
كفرعون وإبليس. وإن عمل بالتوحيد ظاهراً، وهو لا يعتقده باطناً، فهو منافق خالصاً،
أشر من الكافر والله أعلم).
وقال أيضا: اعلم رحمك الله أن دين الله يكون على
القلب بالاعتقاد وبالحب وبالبغض، ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر،
ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام، وترك الأفعال التي تكفر، فإذا اختل واحدة
من هذه الثلاث كفر وارتد.
وقال في آخر (كشف الشبهات): (ولنختم الكلام إن
شاء الله بمسألة عظيمة مهمة جدا تفهم مما تقدم، ولكن نفرد لها الكلام لعظم شأنها،
ولكثرة الغلط فيها، فنقول: لا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان
والعمل، فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما. فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو
كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما. وهذا يغلط فيه كثير من الناس، يقولون: هذا
حق، ونحن نفهم هذا، ونشهد أنه الحق، ولكننا لا نقدر أن نفعله، ولا يجوز عند أهل
بلدنا إلا من وافقهم، أو غير ذلك من الأعذار، ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر
يعرفون الحق، ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار، كما قال تعالى: اشْتَرَوْا بِآيَاتِ
اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا [التوبة:9]، وغير ذلك من الآيات، كقوله: يَعْرِفُونَهُ
كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ [البقرة:146]، فإن عمل بالتوحيد عملاً ظاهراً،
وهو لا يفهمه ولا يعتقده بقلبه، فهو منافق، وهو شر من الكافر الخالص إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النارِ [النساء:145]. وهذه المسألة
مسألة طويلة تبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس، ترى من يعرف الحق ويترك العمل
به، لخوف نقص دنياه أو جاهه أو مداراة، وترى من يعمل به ظاهراً لا باطناً، فإذا
سألته عما يعتقده بقلبه فإذا هو لا يعرفه).
ما قرره شيخ الإسلام بقوله: (وعُلم أن من قال من
الفقهاء: إنه إذا أقر بالوجوب، وامتنع عن الفعل، لا يقتل، أو يقتل مع إسلامه؛ فإنه
دخلت عليه الشبهة التي دخلت على المرجئة والجهمية، والتي دخلت على من جعل الإرادة
الجازمة مع القدرة التامة لا يكون بها شيء من الفعل، ولهذا كان الممتنعون من قتل
هذا من الفقهاء بنوه على قولهم في مسألة الإيمان، وأن الأعمال ليست من الإيمان)
والشيخ :يجزم بكفر تارك عمل الجوارح بالكلية، ويحكي الإجماع على هذا، فلله الحمد
والمنة.
8- أحد أئمة الدعوة،
حيث قال في (التوضيح عن توحيد الخلاق): (فأهل
السنة مجمعون على أنه متى زال عمل القلب فقط، أو هو مع عمل الجوارح: زال الإيمان
بكليته. وإن وُجد مجرد التصديق، فلا ينفع مجردا عن عمل القلب والجوارح معا، أو
أحدهما ، كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون
صدق الرسول صلى الله عليه وسلم سرا وجهرا).
9- الشيخ عبدالرحمن بن حسن، ت: 1285هـ،
حيث قال: (قوله: ((مَنْ شَهِدَ أَن لا إِلَهَ
إِلا الله)) أي تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها باطنا وظاهرا ، كما قال
تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ [محمد:19]، وقوله: إِلا مَنْ
شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86] أما النطق بها من غير معرفة
معناها، ولا يقين ولا عمل بمقتضاها، من نفي الشرك وإخلاص القول والعمل، قول القلب
واللسان، وعمل القلب والجوارح، فغير نافع بالإجماع).
وقال: وفي الآية رد على المرجئة والكرامية، ووجهه
أنه لم ينفع هؤلاء قولهم: آمنا بالله، مع عدم صبرهم على أذى من عاداهم في الله،
فلا ينفع القول والتصديق بدون العمل. فلا يصدق الإيمان الشرعي على الإنسان إلا
باجتماع الثلاثة: التصديق بالقلب وعمله، والقول باللسان، والعمل بالأركان، وهذا
قول أهل السنة والجماعة، سلفا وخلفا، والله سبحانه أعلم).
10- الشيخ عبد اللطيف بن عبدالرحمن بن حسن، ت:
1292هـ،
حيث قال في رده على من شنع على شيخ الإسلام محمد
بن عبد الوهاب لأجل كلامه السابق، ونسبه إلى الخوارج: (قد تقدم مرارا أن المعترض
له حظ وافر من صناعة التبديل والتحريف، كما وصف الله اليهود بذلك في غير آية
والذبح والنذر لغير الله، وإخلاص الدين في ذلك كله لله. هذا ما دل عليه كلام شيخنا
في (كشف الشبهات) وهذا مجمع عليه بين أهل العلم. فإذا اختل أحد هذه الثلاثة اختل
الإسلام وبطل، كما دل عليه حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن
الإسلام والإيمان والإحسان، فبدأ بتعريف الإسلام بالشهادتين، ولا شك أن العلم
والقول والعمل مشترط في صحة الإتيان بهما، وهذا لا يخفى على أحد شم رائحة العلم،
وإنما خالف الخوارج فيما دون ذلك من ظلم العبد لنفسه، وظلمه لغيره من الناس).
11- الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، ت: 1377هـ،
حيث قال: (بل إجماع بين أهل العلم (أن التوحيد
لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل)، فلا بد من الثلاثة، لابد أن يكون هو
المعتقَد في قلبه، ولابد أن يكون هو الذي ينطق به لسانه، ولابد أن يكون هو الذي
تعمل به جوارحه، (فإن اختل شيء من هذا): لو وحّد بلسانه دون قلبه ما نفعه توحيده،
ولو وحد بقلبه وأركانه دون لسانه ما نفعه ذلك، ولو وحَّــد بأركانـه دون الباقي
(لم يكن الرجل مسلماً)، هذا إجماع أن الإنسان لابد أن يكون موحداً باعتقاده ولسانه
وعمله).
... ومن عرف التوحيد الذي دعت إليه الرسل، زال
عنه الإشكال في هذه المسألة، فإن التوحيد هو إفراد الله تعالى بالعبادة، و(لا إله
إلا الله) تعني أنه لا معبود بحق إلا الله، فالتوحيد يقوم على عبادة الله وحده
بالقلب واللسان والجوارح، بل حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد،..... ولا يتم هذا
إلا بالعمل، فكيف يتصور بقاء التوحيد في قلب من عاش دهره لا يسجد لله سجدة ولا
يؤدي له فرضا ولا نفلا.
وقد بان من خلال النقولات السابقة أن أهل السنة
مجمعون على أن الإيمان قول وعمل، أو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح
والأركان، وأن هذه الثلاثة لا يجزئ بعضها عن بعض، ولا ينفع بعضها دون بعض، وأن
العمل تصديق للقول، فمن لم يصدق القول بعمله كان مكذبا.
الارجــــــــــــاء
ـــــــــــــــــــــــــ
تغلغل هذا الدين الانبطاحي الجديد في الأمة حتي غدا الإيمان قولآ والتوحيد شعارآ
تغلغل هذا الدين الانبطاحي الجديد في الأمة حتي غدا الإيمان قولآ والتوحيد شعارآ
والاسلام إرثآ وانسابآ
واندثرت معالم الولاء والبراء
وصادف هذا الفكر الخرب قلوبآ خاويه
فاستحكم من القلوب والعقول وفي حياة البشر
فترك الناس الفرائض والسنن واكتفوا بالاقوال
ونحوا الشرع جانبا ونسبوا للدين من حادوا عنه
وكفروا به
وحكموا بالعقول علي النصوص
واصبغوا الشرعية علي الطواغيت
فأضاعوا الدين عقيدة ومنهجآ وأصولا
ونصبوا من انفسهم دعاة وعلماءآ زورآ وبهتانا
وقلدوهم بل وقدسوهم وفي ذلك
يقول شيخ الإسلام بن تيمية-رحمه الله -
(وإذا علم هذا فكثير من المشهورين بالمشيخة فى
هذه الأزمان قد يكون فيهم من الجهل والضلال والمعاصي والذنوب... وإذا كان كذلك فمن
طلب أن يحشر مع شيخ لم يعلم عاقبته كان ضالا بل عليه أن يأخذ فيطلب بما يعلم أن
يحشره الله مع نبيه والصالحين من عباده.... وعلى هذا فمن أحب شيخا مخالفا للشريعة
كان معه فإذا أدخل الشيخ النار كان معه ومعلوم أن الشيوخ المخالفين للكتاب والسنة
أهل الضلال والجهالة فمن كان معهم كان مصيره مصير أهل الضلالة والجهالة وأما من
كان من أولياء الله المتقين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم فمحبة هؤلاء من أوثق
عرى الإيمان وأعظم حسنات المتقين ولو أحب الرجل لما ظهر له من الخير الذى يحبه الله
ورسوله أثابه الله تعالى على محبة ما يحبه الله ورسوله وإن لم يعلم حقيقة باطنه
فان الأصل هو حب الله وحب ما يحبه الله فمن أحب الله وأحب ما يحبه الله كان من
أولياء الله لكن كثيرا من الناس يدعى المحبة من غير تحقيق قال الله تعالى
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)" آل عمران
قال بعض السلف ادعى قوم على عهد رسول الله أنهم
يحبون الله فأنزل الله هذه الآية, فمحبة الله ورسوله وعباده المتقين تقتضى فعل
محبوباته وترك مكروهاته والناس يتفاضلون فى هذا تفاضلا عظيما فمن كان أعظم نصيبا
من ذلك كان أعظم درجة عند الله وأما من أحب شخصا لهواه مثل أن يحبه لدنيا يصيبها
منه أو لحاجة يقوم له بها أو لمال يتآكله به أو بعصبية فيه ونحو ذلك من الأشياء
فهذه ليست محبة لله بل هذه محبة لهوى النفس وهذه المحبة هى التى توقع أصحابها فى
الكفر والفسوق والعصيان .... فالحب لغير الله كحب النصارى للمسيح وحب اليهود لموسى
وحب الرافضة لعلى وحب الغلاة لشيوخهم وأئمتهم مثل من يوالى شيخا أو إماما وينفر عن
نظيره وهما متقاربان أو متساويان فى الرتبة فهذا من جنس أهل الكتاب الذين آمنوا
ببعض الرسل وكفروا ببعض وحال الرافضة الذين يوالون بعض الصحابة ويعادون بعضهم وحال
أهل العصبية من المنتسبين إلى فقه وزهد الذين يوالون الشيوخ والأئمة دون البعض....
فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه وما اتفقت عليه الأمة فهذه الثلاثة
هى أصول معصومة وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول وليس لأحد أن ينصب
للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النبي ولا ينصب لهم كلاما
يوالي عليه و يعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة بل هذا من فعل أهل
البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك
الكلام أو تلك النسبة ويعادون ))
فمن سمات المرجئة أهل التساهل والتفريط
:-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. إنهم يخرجون الأعمال من مسمى الإيمان .
2. الإيمان عندهم اعتقاد وقول فقط وبعضهم اعتقاد
فقط وبعضهم يكفي فيه القول والتلفظ فقط,مع أن مرجئة العصر الآن يوافقون أهل السنة
فى التعريف لفظا فقط دون المعنى والحقيقة فيقولون الإيمان اعتقاد وقول وعمل يزيد
وينقص ,وهذا هو تعريف أهل السنة ,فإن قلت لهم والعمل (أعمال الجوارح ) قالوا شرط
كمال !!!
3. كل من قال لاإله إلا الله فهو من أهل الجنة
وإن وقع في النواقض وإن نحى الشريعة ونذر وذبح لغير الله وطاف حول القبور ودعاهم
من دون الله وإن استهزأ وسب دين الله كل هؤلاء مسلمون لأنهم يقولون لاإله إلا الله
ولم يعتقدوا ولم يستحلوا الكفر !
4. لمزهم لأهل السنة بأنهم خوارج وتكفير,حتى
ينفروا الناس منهم ويحرموا الناس من الاستفادة من علمهم لأن أهل السنة يكفرون تارك
الصلاة ولا يقولون بالعذر بالجهل في المسائل الجلية ويكفرون الحاكم المغير لدين
الله المبدل لشريعته المحارب لأوليائه
5- وكذالك المرجئة يقيدون الكفر بقيود الاستحلال
والجحود والقصد والاعتقاد والمعرفة والعلم وانشراح الصدر ولا يكفر إلا من أراد
وقصد الكفر بقلبه ,ويقولون في مَن خالفهم تكفير وخوارج ومبتدعة وأهل غلوا وفئة
ضالة !وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذه بعض أقوال وعلامات أهل الإرجاء فكن على حذر
منها ومن تلبيساتهم ,ولا تغتر بقولهم أنهم سلف وسلفيه ,فهم أبعد الناس عن منهج
الصحابة والسلفية الحقة ,فهم أدعياء السلفية مرجئة العصر ,وقد حذر السلف وكبار
العلماء منهم ومن مذهبهم .
إثبات أن مذهب المرجئة الحالي هو
المذهب المغالي(غلاة المرجئة )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقد انتشر في زماننا هذا مذهب الإرجاء المغالي
جداً وتولى كبره أناس يزعمون أنهم سلفيون وأنهم من أتباع السلف ،والمذهب الذي
يجتهدون في نشره يقوم على أركان ثلاثة وهي:
الركن الأول:
أن تارك التوحيد المواظب على فعل الشرك الأكبر
إذا كان جاهلاً بأن الله هو المستحق للعبادة وحده أو كان مقلداً لشيوخه أو متأولاً
فإنه لا يعذر بجهله فحسب،بل إنه يعد من المسلمين ويصلى خلفه ويزوّج من المؤمنات
وتؤكل ذبيحته وغير ذلك من أحكام المسلمين، ويزعمون أن شهادة التوحيد يكفي فيها
اللفظ دون معناها وشروطها ومقتضاها،فمن لفظها بلسانه فقد دخل الإسلام بيقين،وهذا
غاية الغلو ولا أعلم في التاريخ من وصل إلى هذه الدرجة من الغلو إلا أن يكون أعداء
التوحيد وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذين زعموا أن من لفظ الكلمة ولو فعل ألف
ناقض فإنه مسلم حرام الدم والمال وشنعوا على الشيخ وزعموا أنه يكفر المسلمين
ويقاتلهم وأنه من الخوارج.
الركن الثاني:
أن تارك الصلاة المواظب على تركها طوال دهره لا
يركع لله ركعة فهو مسلم موحد يعامل معاملة المسلمين ما دام لم يجحدها بقلبه. وهذا
مخالف لإجماع القرون الفاضلة وللنصوص الصريحة الواضحة، وللحديث عن هذا الغلو مقال
قادم.
الركن الثالث:
لما سقطت الصلاة عندهم وهي عمود الدين وقعوا في
أمر مريج فرأوا أن أنسب الحلول للخروج من هذا المأزق أن يُسقطوا عمل الجوارح
بالكلية ويزعموا أنه شرط كمال لا يؤثر تركه في الإيمان، وصرحوا بأن من لم يعمل
خيراً قط مع القدرة فهو مؤمن من أهل الجنة. وأخذوا يدندنون أن الإيمان هو التصديق
وأن الكفر هو التكذيب والجحود فحسب،وأن السجود للصنم وإهانة المصحف ونحو ذلك هو
علامة للكفر وليس هو عين الكفر.
فهم في التقرير يقولون ( الإيمان قول وعمل يزيد
وينقص) وعند التحقيق يقولون: العمل من الكماليات التي لا يسلب تركها بالكلية
الإيمان.
واليك -أخي الكريم- بعض كلام السلف-رحمهم الله-
في إثبات أن مذهب المرجئة الحالي في هذا الركن الثالث من مذهبهم هو المذهب الغالي:
1- قال الإمام الحُميدي رحمه الله ت261هـ:
(أُخبرت أن أناساً يقولون : من أقر بالصلاة
والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً
... فقلتُ : هذا الكفر الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام
وفعل المسلمين) أخرجه الخلال في كتاب السنة 3/586 برقم (1027)
2- ثم قال حنبل : (قال أبو عبد الله (أي الإمام
احمد):
( من قال هذا فقد كفر بالله ،ورد على الله
أمـره،وعلى الرسول ما جـاء به) وأخرجـه اللالكائي 5/887 برقم (1094) .
3-قال الإمام اسحـق بن راهوية:
( غلت المرجـئة ؛ حتى صار من قولهم أن قوماً
يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضـان والزكـاة والحج وعامة الفرائض من
غير جحود لها أنا لا نكفره ، يرجأ امره الى الله، بعد إذ هو مقر ، فهؤلاء الذين لا
شـك فيهم) انظر فتح الباري لابن رجـب الحنبلي 1/21.
ومراده بقوله(لا شك فيهم) إما لا شـك في كفرهم
كما جاء في بقية الآثـار وإما لا شك في إرجـائهم.
4- وقال شـيخ الأئمة سـفيان بن عيينة رحمه الله
ت197هـ: ( المرجـئة أوجبوا الجنة لمن شهد ألا إله إلا الله مصراً بقلبه على ترك
الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنـزلة ركوب المحارم، وليس بسواء ، لأن ركوب
المحارم من غير استحلال معصـية،وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو
كفر،وبيان ذلك في امر آدم عليه السلام وابليس وعلماء اليهود ... فركوب المحارم مثل
ذنب آدم وغيره من الأنبياء،وأما ترك الفرائض جحوداً فهو كفر مثل كفر إبليس-لعنه
الله-،وأما تركها عن معرفة من غير جحود فهو كفر مثل كفر علماء اليهود) أخرجه عبد
الله بن أحمد في السنة 1/347 برقم (745).
5- وفي كلمة معبرة للإمام أحمد عندما سـأله حمدان
الوراق عن المرجـئة فقال:
(المرجئة تقول:حتى يتكلم بلسـانه وإن لم تعمل
جوارحـه ... قلت: فالمرجـئة لمَ كانوا يجتهدون (أي في الأعمال) وهذا قولهم ؟! قال:
البلاء) عافانا الله مما بلاهم .أخرجه الخلال في السنة 3/570 برقم (980).
6- ولما قال شبابة بن سوار:(إذا قال فقد عمل
بجارحته -أي بلسانه – أي فقوله بلسانه يغنيه عن أعمال الجوارح،قال الإمام أحمد
(حكي عن شـبابه قول أخبث من هذه الأقاويل ما سمعت عن احد مثله) أخرجه الخلال في
السنة 3/570 برقم (982) .
7- ويوجد أثر طويل جداً نافع جداً في الإرجاء وأن
أساسه التهوين من شأن العمل،نقله الإمام احمد عن الفضيل بن عياض: قال الفضيل في
آخره (قد بينتُ لك إلا أن تكون أعمى) رواه في السنة للخلال 1/374 – 376 .
8- وتوجد قصة نافعة جداً لأهل السنة السلفيين
حقاً؛فعندما اظهر سالم الافطس الإرجاء قبل أن يـيسر الله من يقتله بعد ذلك صبراً
سنة 132هـ دار الشـباب السلفي ذلك الوقت على علماء الأمصار للسؤال عن ذلك وفيها
درر ونفائس وأول القصة : (قال معقل بن عبيد الله الجزري : قدم علينا سالم الافطس
في الجزيرة بالإرجـاء،فعرضه فنفر أصحابنا- أي السلفيون- منه نفاراً شـديداً وكان
أشـدهم ميمون بن مهران وعبد الكريم الجزري؛فأما عبد الكريم فإنه عاهد الله ألا
يؤويه وإياه سقف بيت إلا المسجد... قال معقل وحججت فدخلت على عطـاء بن أبي رباح..)
القصة بطولها في السنة لعبد الله بن احمد 1/382 برقم (831) ومن طريقه الخلال وابن
بطة في كتابيهما.
9- وقال فرات بن سليمان : انتهينا مع ميمون بن
مهران إلى دير القائم فنظر إلى الراهب فقال لأصحابه : أفيكم من يبلغ من العبادة ما
بلغ هذا الراهب ؟ قالوا : لا ، قال : فما ينفعه ذلك إن لم يؤمن بمحمد صلى الله
عليه وسلم؟! ، قالوا : لا ينفعه شـيء ،قال : كذلك لا ينفع قول بلا عمل).
وهذا من حرص العلماء على تحصـين الشباب إذا
انتشرت بأرضهم الفتن والمحدثات؛فإن مثال هذا الراهب لن يغيب عن أذهانهم كلما ذكرت
المرجئة الملعونة.
10- وقال الإمام الكبير عطاء بن أبي رباح مفتي
الحرم ت 114هـ رحمه الله: قال تعالى :(ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن)
فألزم الاسم العمل وألزم العمل الاسم) انظر الإبانة لابن بطة 2/897 برقم (1251).
11- وقال إمام الشـام الأوزاعي رحمه الله ت 157
هـ:
(كان من مضى من سلفنا لا يفرقون بين الإيمان
والعمل؛ الإيمان من العمل والعمل من الإيمان ،وإنما الإيمان اسم جامع كما يجمع هذه
الأديان اسمها، ويصدقه العمل ... ويقولون (أي المرجـئة) ... إن الإيمان قد يطلب
بلا عمل). 12- وقال ابن خزيمة رحمه الله ت 311هـ مبيناً معنى الحديث الذي تلقفته
المرجـئة الأوائل والمعاصـرون وظـنوه يساعدهم في أن العمل شرط كمال فقال:(هذه
اللفظـة "لم يعملوا خيراً قط" من الجنس الذي تقوله العرب فتنفي الاسم عن
الشيء لنقصه عن التمام والكمال فمعنى هذه اللفظة على هذا الاصل (لم يعملوا خيراً
قط على التمام والكمال لا على ما أوجـب عليه) وقد بينت هذا المعنى في مواضع من
كتبي) التوحيد لابن خزيمة 2/732 .
قلت:ومن هذا الجنس (ارجع فصل فإنك لم تصل)،وحديث
قاتل المائة حيث قالت ملائكة العذاب (لم يعمل خيرا قط)، ومنه قول العرب للفاسق (لا
خير فـيه) ونحو ذلك.
13- وقال الملطي الشـافعي رحمه الله ت (377) في
كتابه (التنبيه والرد على أهل الاهواء والبدع) – وهو كتاب نفيس- قال : (باب ذكر
المرجئة – وقد ذكرتُ المرجئة في كتابنا هذا اولاً وآخراً إذ قولها خارج من التعارف
والعقل!!.. ألا ترى أن منهم من يقول : من قال لا اله إلا الله محمد رسول الله وحرم
ما حرم الله وأحل ما أحل الله دخل الجنة إذا مات وان زنى وان سرق ... وان ترك
الصلاة والزكاة والصيام إذا كان مقراً بها يسوف التوبة).
فعد قولهم هذا خارجاً عن عرف العلماء وعقل
العقلاء وأقام عليهم حججاً عقلية وهذا هو بعينه القول الذي عم وطم في زماننا .
14- وذكر أهل الفرق أن الفرقة الحادية عشـرة من
المرجـئة أصحـاب بشر المريسي وابن الراوندي يقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب
واللسـان بلا عمل والكفر هو التكذيب والجحود القلبي ومن سجد للصنم أو سب الله فهذه
دلالة على الكفر وليست كفراً.
وهذا غاية الانحراف والغلو وهو قول مرجئة عصرنا ،
(انظر الفرق بين الفرق لعبد القاهر ومقالات الاسلاميين(1/222) .
15- قال الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه
الله ت 1206هـ:
(لا خلاف أن التوحـيد لا بد أن يكون بالقلب
واللسان والعمل فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً ) .
أقوال السلف في كفر تارك العمل بالكلية
والمعرض عنه ،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-الحسن البصري ت سنة
110 هـ - رحمه الله - قال : " الإيمان قول ، ولا قول إلا بفعل ، ولا
قول ولا عمل إلا بنية "
2-الإمام الزهري ت سنة
124هـ- رحمه الله – قال : " الإيمان قول وعمل قرينان لا ينفع أحدهما
إلا بالآخر"
3-الإمام الأوزاعي ت سنة
157 هـ - رحمه الله - قال : " من قال بلسانه ولم يعرف بقلبه ، ولم
يصدقه بعمله ؛ لم يقبل منه وكان في الآخرة من الخاسرين"
4-الفضيل بن عياض ت سنة
187هـ - رحمه الله - ومن أقواله التي نقلها عنه الشيخ الحكمي في معارج
القبول ، قال : " لا يستكمل الإيمان إلا بالعمل ... ويقول أهل البدع: الإيمان
الإقرار بلا عمل ... فميز أهل البدع العمل من الإيمان ، وقالوا ، فرائض الله ليست
من الإيمان ، ومن قال ذلك فقد أعظم الفرية ، أخاف أن يكون جاحدًا للفرائض رادًا
على الله أمره ، ويقول أهل السنة أن الله تعالى قرر العمل بالإيمان وأن فرائض الله
من الإيمان " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " فهذا موصول العمل بالإيمان
، ويقول أهل الإرجاء لا ولكنه مقطوع غير موصول ولو كان الأمر كما يقولون كان من
عصى وارتكب المعاصي والمحارم ولم يكن عليه سبيل فكان إقراره يكفيه من العمل ؛ فما
أسوأ هذا من قول وأقبحه ، فإنَّ لله وإنَّا إليه راجعون ... يقول أهل الإرجاء
الإيمان قول بلا عمل ، ويقول الجهمية الإيمان المعرفة بلا قول ولا عمل ، ويقول أهل
السنة : الإيمان المعرفة والقول والعمل ، فمن قال الإيمان قول وعمل فقد أخذ
بالتوثقة ، ومن قال الإيمان قول بلا عمل فقد خاطر لأنه لا يدري أيقبل إقراره أو
يرد عليه بذنوبه ، وقال - يعني فضيلاً - قد بينت لك إلا أن تكون أعمى ، قيل له -
يعني فضيلاً - هذا من رأيك تقوله أو سمعته ، قال : بل سمعناه وتعلَّمناه ، ولو لم
آخذه من أهل الفقه والفضل لم أتكلم به "
5-سفيان بن عيينة ت سنة
198هـ - رحمه الله - قال : " المرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله
إلا الله مصرًا بقلبه على ترك الفرائض ، وسموا ترك الفرائض ذنبًا بمنزلة ركوب
المحارم ، وليسوا بسواء ، لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية ، وترك الفرائص
متعمدًا من غير جهل ولا عذر هو كفر" ، فكفره الإمام والسلف لتركه العمل
بشرائع الإسلام بالكلية وليس لإنكاره الأمر الشرعي وجحوده ، أو جحود وجوبه ، فهذا
كفر آخر يضاف إلى كفره بترك العمل بشرائع الإسلام لأن الممتنع عن العمل بشرائع
الإسلام هو في الحقيقة تارك للإسلام وأركانه.
6- الإمام
الشافعي ت سنة 204 ه - رحمه الله - وقد نقل الإجماع على كفر تارك العمل ، قال :
" وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون : الإيمان
قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر" ولا يجزئ يعني : لا ينفع
ولا يصح ولا يقبل ولا يتم.
7-الإمام عبد الله بن
الزبير الحميدي ت سنة 219 هـ - قال : " أخبرت أن ناسًا يقولون : من
أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئًا حتى يموت ، أو يصلي
مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحدًا إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه
إن كان يقر بالفرائض واستقبال القبلة.
فقلت : - يعني الحميدي - هذا الكفر الصراح وخلاف
كتاب الله وسنة رسوله وفعل علماء المسلمين ، قال الله " وَمَا أُمِرُوا
إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " وعلق الإمام أحمد على
قول الحميد فقال الإمام أحمد بن حنبل من قال هذا فقد كفر بالله"
8-الإمام إسحاق بن
راهويه ت سنة 238هـ - رحمه الله - قال : " غلت المرجئة حتى صار من
قولهم أن قومًا يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة
الفرائض من غير جحود لها لا نكفره يُرجى أمره إلى الله بعد، إذ هو مقر ، فهؤلاء
الذين لا شك فيهم ، يعني في أنهم مرجئة "
9-الإمام أبو ثور ت سنة
240 هـ – قال : ( فأما الطائفة التي زعمت أن العمل ليس من الإيمان يقال
لهم: ما أرد الله عز وجل من العباد إذ قال لهم : " وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ
وَآتُواْ الزَّكَاةَ " الإقرار بذلك ؟ أو الإقرار والعمل ؟ فإن قالت : إن
الله أراد الإقرار ولم يرد العمل فقد كفرت ، فإن قالت أراد منهم الإقرار والعمل ،
قيل فإن أراد منهم الأمرين جميعًا لم زعمتم أنه يكون مؤمنًا بأحدهما دون الآخر ؟
وقد أردهما جميعًا).
10-الإمام أحمد بن حنبل
إمام أهل السنة والجماعة ت سنة 241هـ - رحمه الله - وقد ذُكرت عنده المرجئة
وقيل له : " أنهم يقولون إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن ، فقال المرجئة لا
تقول هذا ، بل الجهمية تقول هذا ، والمرجئة تقول : حتى يتكلم بلسانه وإن لم تعمل
جوارحه ، والجهمية تقول إذا عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه ، وهذا كفر "
وقد مر تعليق الإمام أحمد على قول الحميدي وإقراره له ، وقال : " من قال هذا
فقد كفر بالله ورد عليه أمره " أي من قال أن الإيمان يصح بدون العمل ويكون
قول أو معرفة فقط "
11-الإمام سهل بن عبد
الله التستري ت سنة 283 هـ - رحمه الله – قال : " الإيمان إذا كان
قولاً بلا عمل فهو كفر"
و قول الإمام البخاري في صحيحه : " إن
الإيمان هو العمل "
12-الإمام ابن خزيمة ت
321هـ - رحمه الله - قال في كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب : مبينًا عقيدة
أهل السنة وأن الإيمان ركن من أركان ثلاثة والعمل ركن في مسمى الإيمان ولا يصلح
الإيمان إلا به ، وموضحًا كذلك شبهة المرجئة في الاعتماد وعلى الأحاديث المجملة
المطلقة العامة في دخول الجنة والفوز بها لمن قال : " لا إله إلا الله "
؛ فقال - رحمه الله - تحت باب : (ذكر خبر روي عن النبي في إخراج شاهد أن لا إله
إلا الله من النار) قال : " أَفْرُقُ أن يسمع به بعض الجهال فيتوهم أن قائله
بلسانه من غير تصديق قلب يخرج من النار ، جهلاً وقلة معرفة بدين الله وأحكامه ،
ولجهله بأخبار النبي مختصرها ومقتضاها وأنَّا لتوهم بعض الجهال : أن شاهد لا إله
إلا الله من غير أن يشهد أن لله رسلاً وكتبًا ونارًا وبعثًا وحسابًا يدخل الجنة
أشد فرقًا إذ أكثر أهل زماننا لا يفهمون هذه الصناعة ولا يميزون بين الخبر المختصر
وبين الخبر المتقصي ؛ فيحتجون بالخبر المختصر ويَدَعُونَ الخبر المتقصي وربما خفي
عليهم الخبر المتقصي فيحتجون بالخبر المختصر يترأسون قبل التعلم قد حرموا الصبر
على العلم وطلبه "
13-الإمام محمد بن
الحسين الآجري - رحمه الله - ت سنة 360 هـ قال :
" من قال الإيمان قول دون العمل ، يقال له
رددت القرآن والسنة وما عليه جميع العلماء ، وخرجت من قول المسلمين وكفرت بالله
العظيم "
14-الإمام عبيد الله بن
بطة ت سنة 387 هـ - رحمه الله - يقول :
" فقد تلوت عليكم من كتاب الله ما يدل
العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل ، وأن من صدق بالقول وترك العمل كان
مكذبًا وخارجًا من الإيمان ، وأن الله لا يقبل قولاً إلا بعمل ولا عملاً إلا بقول
" ثم عقد بابًا في كتابه " الإبانة " سماه : " باب بيان الإيمان
وفرضه وأنه تصديق بالقلب وإقرار باللسان وعمل الجوارح والحركات لا يكون العبد
مؤمنًا إلا بهذه الثلاث "
15-الإمام أبو طالب
المكي ت سنة 386 هـ - رحمه الله - فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية :
" فمن كان ظاهره أعمال الإسلام ولا يرجع إلى
عقود الإيمان بالغيب ، فهو منافق نفاقًا ينقل عن الملة ، ومن كان عقده الإيمان
بالغيب ولا يعمل ، بأحكام الإيمان ، وشرائع الإسلام فهو كافر كفرًا لا يثبت معه
توحيد "
وقال - رحمه الله : (ومثل الإيمان في الأعمال
كمثل القلب في الجسم لا ينفك أحدهما عن الآخر لا يكون ذو جسم حي لا قلب له ، ولا
ذو قلب بغير جسم .. فلا إيمان إلا بعمل ... فمثل العمل من الإيمان كمثل الشفتين من
اللسان لا يصح الكلام إلا بهما ..... وأن الإيمان والعمل قرينان لا ينفع أحدهما
بدون صاحبه )
16-الإمام العلامة
الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي ت سنة 418 هـ -
رحمه الله :
نقل في كتابه " شرح أصول اعتقاد أهل السنة
والجماعة " إجماع السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم من القرون المفضلة حتى
بداية القرن الخامس على أن الإيمان قول وعمل ولا يصح ولا يقبل ولا يجزئ ولا ينفع
إيمان بلا عمل ، والمجلد الثالث من الجزء الخامس والسادس كله في ذلك الأمر وقد نقل
هذا الإجماع أيضًا الشافعي والبغوي وابن عبد البر المتوفى سنة 463هـ.
17-شيخ الإسلام ابن
تيمية ت سنة 728 - رحمه الله تعالى - قال في تكفير تارك جنس العمل أو تارك
العمل بالكلية والمقصود به عمل الجوارح قال - رحمه الله : " فإذا خلا العبد
عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنًا وما دان لله دينًا ، ومن لا دين له فهو كافر
"
ويقول شيخ الإسلام في موضع آخر مبينًا كفر تارك
العمل بالكلية مع القدرة " ولا يتصور
في العادة أن رجلاً يكون مؤمنًا بقلبه ، ومقرًا بأن الله أوجب عليه الصلاة ملتزمًا
لشريعة النبي وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع حتى يُقتل ويكون مع ذلك
مؤمنًا في الباطن قط ، لا يكون إلا كافرًا" ويقول : " لا يصدر هذا إلا
مع نفاق في القلب وزندقة " ويقول معلقًا على إسلام تارك العمل : " بل كل
مسلم يعلم بالاضطرار أنه يقول لهم أنتم أكفر الناس بما جئت به ، ويضرب رقابهم إن
لم يتوبوا من ذلك " وقال : " لم يخرج بذلك من الكفر " كل هذه
الأقوال لشيخ الإسلام في كفر تارك العمل ، وينكر شيخ الإسلام إسلامه قال : (من كان
عقده الإيمان بالغيب ولا يعمل بأحكام الإيمان وشرائع الإسلام فهو كافر كفرًا لا
يثبت معه توحيد)
وقال : " فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية
لم يكن مؤمنًا "
18-الإمام ابن القيم -
رحمه الله - ت سنة 751 هـ ، قال : " فتخلف العمل ظاهرًا مع عدم المانع
دليل على فساد الباطن وخلوه من الإيمان"
19-الإمام المجدد محمد
بن عبد الوهاب ت سنة 1206 هـ ، قال : " فإن عرف التوحيد ولم يعمل به
فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما " وقال - رحمه الله : " لا خلاف
بين الأمة أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب الذي هو العلم ، واللسان الذي هو القول
، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي فإن أخل بشيء من هذا لم يكن الرجل مسلمًا
"
20-الإمام الشوكاني -
رحمه الله – ت سنة 1255 هـ ، قال : " من كان تاركًا لأركان الإسلام
وجميع فرائضه ، ورافضًا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال ولم يكن لديه إلا
مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر حلال الدم والمال"
الارجـــــــــاء لادين له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماهى اقامه الحجه؟ ومالفرق بينها وبين
الاستتابه؟
وهل اقامه الحجه تعنى استيفاء الشروط
وانتفاء الموانع
والجواب :
المقصود بقيام الحجة هو بلوغ النص الشرعي من
الكتاب أو السنة بوجوب عمل ما أو تحريم عمل ما للمكلف بلوغا حقيقيا أو بلوغا حكميا
(أي الوجود في مكان يتمكن فيه المكلف من سماع الحجة) .
وهي تختلف باختلاف نوع المسألة التي نتكلم عليها
فالحجة في أصل الدين والشرك غير الحجة في مسائل الشرائع الظاهرة غير الحجة في باب
المسائل الخفية .
ومن أنواع اقامة الحجة استتابة المرتد ولكن
الاستتابة ليست كما يظن البعض من أجل الحكم على من أتى بالردة بأنه مرتد ولكن تكون
الاستتابة لمن حكمنا عليه بأنه مرتد لإنزال حد الردة عليه فهي بمثابة المراجعة
والانذار الأخير للمرتد قبل قتله .
أما صور اقامة الحجة المختلفة بحسب
طبيعة المسألة فهي:
.......................................................................
1- في مسائل أصل الدين واتيان الشرك بالله فالحجة
هي السماع بالرسول وبلوغ القرآن والسماع به وهذه الحجة تفيد في لزوم العذاب على
الشرك الذي اقترفه العبد أما التسمية فهو مشرك بمجرد فعله للشرك سواء كان جاهلا أو
متأولا أو مقلدا لأنه أتى بما يخرجه عن حد التوحيد ويدخله في حقيقة الشرك .
قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
(الإجماع منعقد على أن من بلغته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يؤمن فهو كافر
ولا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة) الدرر10/247
وقال الشيخ حمد بن ناصر (قد أجمع العلماء أن من
بلغته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحجة عليه قائمة) الدرر 11/72.
قال ابن القيم في طريق الهجرتين : "
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه
فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر
جاهل " .
2- أما الحجة في المسائل الظاهرة
فهي أحد الطرق الآتية :
1- العلم حقيقة بالنص الشرعي
2- البلاغ عن أي طريق من الطرق
3- وجود دعوة أودعوه قائمة
4- الوجود في مكان به علماء أودعوه
5- التمكن من الوصول للحجة
والدليل :
قال تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره
حتى يسمع كلام الله)
وقال تعالى (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب
والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب
قيمة)،
وقال ابن تيمية: إن القرآن حجة على من بلغه...
فكل من بلغه القرآن من إنسي وجني فقد أنذره الرسول صل الله عليه وسلم) الفتاوى
16/149
وقال: على قوله تعالى (لا تسمعوا لهذا القرآن
والغوا فيه) والحجة قامت بوجود الرسول المبلغ وتمكنهم من الاستماع والتدبر لا بنفس
الاستماع ففي الكفار من تجنب سماع القرآن واختار غيره، الفتاوى 16/166
وقال (حجة الله برسله قامت بالتمكن من العلم فليس
من شرط حجة الله علم المدعوين بها ولهذا لم يكن إعراض الكفار عن استماع القرآن
وتدبره مانع من قيام حجة الله عليهم) كتاب الرد على المنطقيين ص113 في المقام
الثالث ،
وقال أيضا: ليس من شرط تبليغ الرسالة أن يصل إلى
كل مكلف في العالم بل الشرط أن يتمكن المكلفون من وصول ذلك إليهم ثم إذا فرطوا فلم
يسعوا في وصوله إليهم مع قيام فاعله بما يجب عليه كان التفريط منهم لا منه) (
بتصرف ) الفتاوى 28/125).
ملاحظة 1 :
...............
حد المسائل الظاهرة هو ما قاله الإمام الشافعي
رحمه الله (العلم علمان: علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله مثل
الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إذا استطاعوه وزكاة في
أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان في معنى هذا مما كلف
العباد أن يعقلوه ويعلموه ويعطوه من أنفسهم وأموالهم وأن يكفوا عنه ما حرم عليهم
منه وهذا الصنف كله من العلم موجود نصا في كتاب الله موجودا عاما عند أهل الإسلام
ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله صل الله عليه وسلم ولا
يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم وهذا العلم الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر
والتأويل ولا يجوز فيه التنازع) الرسالة ص 359،357
ملاحظة2 :
..............
يكفي لقيام الحجة مجرد بلوغها للمكلف ولا يشترط
في أصل الدين والمسائل الظاهرة أن يفهمها الفهم الموجب للانتفاع بها واستيعابها
استيعابا كاملا والإحاطة بها من جميع جوانبها .
قال تعالى (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون
إن هم إلا كالأنعام)
وقال تعالى (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما
لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون )
وقال تعالى (وأُوحي إلى هذا القرآن لأُنذركم به
ومن بلغ) وقال تعالى ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب (مع أن أكثر
الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى (أم تحسب أن
أكثرهم يسمعون أو يعقلون) الآية ثم ضرب أمثلة لأناس قامت عليهم الحجة لكن لم
يفهموها مثل: الخوارج، والذين اعتقدوا في علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وغلاة
القدرية، ( تاريخ نجد ص 410).
3- الحجة في المسائل الخفية (ك ـ مسائل القدر
والإرجاء)هو بلوغ الدليل الشرعي للمكلف وإزالة الشبهة
----------------------------
1-قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – في شرح
العمدة : "وفي الحقيقة: فكل رد لخبر الله، أو أمره فهو كفر، دق أو جل، لكن قد
يعفى عما خفيت فيه طرق العلم وكان أمرا يسيرا في الفروع، بخلاف ما عظم أمره وكان
من دعائم الدين، من الأخبار والأوامر، يعني: فإنه لا يقال قد يعفى عنه"
2-وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله - :
"فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية
بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف ؛ وأما أصول
الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هو القرآن فمن بلغه القرآن
فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة
فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما
قال تعالى : (( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل
سبيلا)) وقيام الحجة نوع، وبلغوها نوع وقد قامت عليهم وفهمهم إياها نوع آخر وكفرهم
ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك فانظروا قوله : صل الله عليه
وسلم في الخوارج (( أينما لقيتموهم فاقتلوهم )) وقوله : (( شر قتلى تحت أديم
السماء )) مع كونهم في عصر الصحابة...".
- أما استيفاء الشروط وانتفاء الموانع فهو التحقق
من توفر الشروط الشرعية في المكلف ليكفر ويؤاخذ على فعله وقد يحدث هذا التحقق
أثناء عملية اقامة الحجة وقد يحدث قبلها .
- ومن هذه الشروط :
-------------------
1- أن يكون فاعل الكفر بالغًا
2- أن يكون عاقلاً
3- أن يكون مختارا للفعل غير مكره
ونلاحظ أن هذه الشروط والموانع سهلة بسيطة لا
تحتاج لكبير جهد ووقت لاستيفائها وليست بالصعوبة التي يدعيها أهل الارجاء والتجهم
ليلغوا بها أحكام الكفر والإيمان كما يتمنون.
- ونلاحظ أيضا أن التأويل والجهل لا يعدان من
موانع تكفير من نقض أصل دينه بالشرك خاصة لأن التوحيد والاسلام له حقيقة واحدة
يناقضها تماما الشرك بالله تعالى فإذا أشرك المكلف مع الله آلهة آخرى فقد انتفت
حقيقة التوحيد عنه وثبت له حقيقة الشرك واسم الشرك سواء كان ما فعل جهلا منه أو
تأولا والنصوص متضافرة على ذلك والإجماع قد انعقد على ذلك .
والحجة تشترط على المشرك لإنزال العقوبة عليه من
قتل والجزم له بالخلود في النار من غير امتحان في العرصات على قول بعض أهل العلم
وليس اقامة الحجة شرطا ليسمى مشركا بعد بلوغها إليه إذ هو مشرك بمجرد صرف عبادة
لغير الله تعالى .
"
أما الإجماع على عدم العذر بالجهل والتأويل :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ أبا بطين في "الدرر"
[10/401]، قال:
(ونحن نعلم أن من فعل ذلك – الشرك - ممن ينتسب
للإسلام، أنه لم يوقعهم في ذلك إلا الجهل، فلو علموا أن ذلك يبعد عن الله غاية
الإبعاد وأنه من الشرك الذي حرم الله لم يقدموا عليه، فكفرهم جميع العلماء ولم
يعذروهم بالجهل كما يقول بعض الضالين؛ إن هؤلاء معذورون لأنهم جهال).
********
قال الشيخ أبا بطين في"الدرر السنية"
[12/72 – 73]، وفي"مجموعة الرسائل"[1/659]، [1/659]، قال: (فالمدعي أن
مرتكب الكفر متأولا أو مجتهدا أو مخطئا أو مقلدا أو جاهلا معذور، مخالف للكتاب
والسنة والإجماع بلا شك، مع أنه لا بد أن ينقض أصله، فلو طرد أصله؛ كفر بلا ريب،
كما لوتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد صل الله عليه وسلم
يقول الامام ابن القيم في كتابه الماتع طريق
الهجرتين في معرض كلامه حول طبقات المكلفين
(الطبقه السابعة عشر
===========
طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم،
الذين هم معهم تبعا لهم، يقولون؛ إنا وجدنا آباءنا على ذلك، ولنا بهم أسوة، ومع
هذا فهم متاركون لأهل الإسلام، غير محاربين لهم، كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم،
الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصبت له أولئك، من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه
وإخماد كلماته، بلهم بمنزلة الدواب.
قال ابن القيم: وقد اتفقت الأمة على أن هذه
الطبقة كفار، وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم، إلا ما يحكى عن بعض أهل
البدع؛ أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار، وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، وهذا مذهب
لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم، وإنما يعرف
عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام.
(يقول الامام ابن القيم)
(والإسلام؛ هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك
له، والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به، فان لم يأت العبد بهذا فليس
بمسلم، وإن لم يكن كافرا معاندا، فهو كافر جاهل، فغاية هذه الطبقة؛ أنهم كفار جهال
غير معاندين، وعم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا، فإن الكافر من جحد توحيد الله )
سنذكر أهم الأسباب والشبهات التى وقع
فيها (المرجئه) وكانت سببا فى الزيغ والبعد عن الحق ومن هذه الأسباب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تربية البعض على إتباع الشيخ وتقليده دون
معرفة الدليل أو من أين أخذ الشيخ وهذا خطأ فادح يؤدى إلى إتباع الأشخاص دون
المنهج لأن الشخص متغير والمنهج ثابت والحجة فى الدليل لا في كلام الشيخ
2- الاضطراب والتخبط في معني الكفر والتكفير وعدم
...التفريق بينهما
3- ظنهم أن لا إله إلا الله مانعة من الكفر
والوقوع فى الشرك وأن من قال لا إله إلا الله لا يكفر ولا يخرج من الإسلام
4 اعتقادهم أن الكفر محصور في القلب ولا يكفر
بالعمل أو القول المكفر فمهما وقع في النواقض القولية والعملية فهو مسلم
القلب !!
5- عدم تفريقهم بين الكافر الأصلي وبين الكافر
المرتد بعد إسلام في التلفظ بالشهادتين فجعلوهما سواء
6- عدم فهمهم لكلام العلماء وإطلاقاتهم بألفاظ
الشرك والكفر والتكفير فبعض العلماء يقصد بالتكفير القتل والعقوبة عند الاستتابة
وكلاهما مشرك وتجري عليه أحكام الشرك عند عدم القدرة والتمكن
7-ولم يفرقوا بين مانع التكفير من أجل عدم البلاغ
وبلوغ الحجة الرسالية وبين الجهل مع الإعراض والتولي عن الطاعة فخلطوا بين جهل
الإعراض وجهل العجز
8- لم يفرقوا بين الإسم والعقوبة وقالوا إن كل
مشرك معذب فهربوا من إطلاق اسم المشرك على المسلم المتلبس بالكفر والشرك والحق
والصواب أنه ليس كل كافر معذب وليس كل كافر يقتل
9- جعلوا الجهل مانعا من التكفير بإطلاق ولم
يفرقوا بين المعرض والمتمكن من العلم القادر عليه وبين أهل الأعذار مثل الناشئ في
البادية وحديث العهد بالإسلام والعاجز وبين المسائل الخفية والمسائل الجلية
الظاهرة ولم يفرقوا كذلك بين الشرك والكفر والتوحيد وبين المعاصي وفروع الشريعة
وخلطوا بينهم
10- عدم تفريقهم بين فهم الحجة وبلوغها ومعنى
إقامتها وأنواعها واشترطوا فهم الحجة للتكفير في كل المسائل
11- الإشكال عندهم في عدم فهم معنى إقامة الحجة
وكلام العلماء الذين يقولون ولا يكفر إلا بعد قيام الحجة
12- عدم تفريقهم بين مرتكب الشرك في حالة القدرة
والتمكن ووجود الشريعة فهذا يستتاب عند الحاكم وبين مرتكب الشرك في حالة الاستضعاف
والعجز وغياب الشريعة وعدم القدرة عليه فهذا يعامل بما ظهر منه
13- عدم تفريقهم بين أحكام الدنيا التى تجري على
الظاهر من إسلام وكفر وبين أحكام الآخرة التى لا يعلم حقيقتها إلا الله عز وجل
وقالوا إن مرتكب الشرك الأكبر وإن مات عليه فهو مسلم لأنه لم تقم عليه الحجة
الحدية ولم نتمكن منه وهذا فيه هدم للشريعة وإبطال الأحكام التى تجرى على الظاهر
وعدم التفريق بين المسلم والكافر
14-تناقضهم فى أقسام الناس يوم القيامة فأنه
لايوجد إلا مسلم وكافر والمسلم هو الذى مات على الإسلام ومآله إلى الجنة والكافر
هو الذى مات على الشرك والكفر ومآله إلى النار
,فالذي دخل فى الإسلام ثم ارتكب الشرك والكفر
ومات عليه فى زمن غياب الشريعة وعدم التمكن منه واستتابته وقيام الحجة الحدية عليه
فما هو اسمه الذى سماه الله به ؟
وما حكمه فى الدنيا وما مآله فى الآخرة أهو مسلم
أم مشرك ؟فى الجنة أم فى لنار ؟
والجنة لاتدخلها إلا نفس مسلمة وهذا مات على
الشرك الأكبر الظاهر الجلي
15- ظنهم أن غياب الشريعة يعنى سقوط الأسماءونحن
نقول هناك فرق بين الأسماء والأحكام ولا يعني عدم القدرة على الأحكام منع إلحاق
الأسماء.
وسبب الخطأ في مثل هذه المسائل راجع إلى عدم
إتقان مسألة الأسماء والأحكام الدينية والخلط فيهما، وعدم فهم علاقة الأسماء
والأحكام بالحجة، وهل كلها مرتبطة بالحجة أم هناك تفصيل؟
16- عدم تفريقهم بين جهل العجز ,وجهل الإعراض
وظنوا أن كل جهل عذر ومانع معتبر
والصحيح أن كل مانع من موانع التكفير لايتوفر فيه
صفة العجز المطلق فليس بمانع ولا يعتد به ,فالجهل الذى يستطيع المكلف دفعه ليس
بمانع ولا يعتبر عذرا شرعيا ,بل هو اعراض مع القدرة والتمكن ,مع كونه يعيش بين
المسلمين وفى بلاد المسلمين هذا يؤكد كفر الجهل والإعراض ,فالمكان والتمكن حجه فى
التوحيد والمسائل الظاهرة وإليك الدليل
المكان والتمكن حجة في المسائل الظاهرة ومن
الأدلة على أن المكان والتمكن حجة في المسائل الظاهرة - ومنها أصل تعظيم الله
ومحبته وأصل احترام الرسول وتوقيره وأن الساب لهما يُناقض ذلك ما يلي:
1- قال ابن تيمية رحمه الله: تعليقا على قوله
تعالى {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}: (والحجة قامت بوجود الرسول المبلغ
وتمكنهم من الاستماع والتدبر لا بنفس الاستماع ففي الكفار من تجنب سماع القرآن
واختار غيره)الفتاوى 16/ 1
2- وقال ابن تيمية رحمه الله أيضا: (حجة الله
برسله قامت بالتمكن من العلم فليس من شرط حجة الله علم المدعوين بها ولهذا لم يكن
إعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانع من قيام حجة الله عليهم) كتاب الرد على
المنطقيين،
3-وقال ابن تيمية رحمه الله أيضا: (ليس من شرط
تبليغ الرسالة أن يصل إلى كل مكلف في العالم بل الشرط أن يتمكن المكلفون من وصول
ذلك إليهم ثم إذا فرطوا فلم يسعوا في وصوله إليهم مع قيام فاعله بما يجب عليه كان
التفريط منهم لا منه) بتصرف، الفتاوى 28 \125
4- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في
رسالة له بعدما ذكر من كفره السلف قال: (واذكر كلامه في الإقناع وشرحه - أي منصور
البهوتي - في الردة كيف ذكروا أنواعا كثيرة موجودة عندكم ثم قال منصور؛ "وقد
عمت البلوى في هذه الفرق وأفسدوا كثيرا من عقائد أهل التوحيد نسأل الله العفو
والعافية"، هذا لفظه بحروفه ثم ذكر قتل الواحد منهم وحكم ماله، هل قال واحد
من هؤلاء من الصحابة إلى زمن منصور إن هؤلاء يكفر أنواعهم لا أعيانهم) الدرر10/ 69
، والطوائف التي ذكرها هي أهل الاتحاد و أهل الحلول وغلاة الصوفية والرافضة
والقرامطة والباطنية، فانظر إلى نقل الشيخ محمد للإجماع على عدم التفريق بين القول
والقائل في الطوائف التي ذُكرت.
5- قصة المرتدين زمن أبي بكر، لأنهم أنكروا
معلوما ظاهرا، فلم يفرق الصحابة بينهم وبين أقوالهم.
6- وقال الشيخ أبا بطين رحمه الله في "الدرر":
(نقول في تكفير المعين ظاهر الآيات والأحاديث وكلام جمهور العلماء تدل على كفر من
أشرك بالله فعبد معه غيره ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره، قال تعالى: {إن الله
لا يغفر أن يشرك به}، وقال تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}، وهذا عام في
كل واحد من المشركين).
أن العذاب يستحق بسببين
أحدهما: الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل
بها وبموجبها
، الثاني العناد لها بعد قيامها وترك إرادة
موجبها فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد،
وأما كفر الجهل مع عدم قيام الحجة وعدم التمكن من
معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة الرسل؛؛ كفر الإعراض
ـ أصبح كفر الأعراض ـ وأحيانا يسمى كفر الجهالة
لا الجهل ـ له أنواع قائمة على إحدى ثلاث:
ـ الأعراض عن الحجة وهذا لمن علم بها ـ ولا أقول
سمع بها لأن هناك فرق بين العلم فقط وبين السماع، والعلم معناه لم يسمعها بنصها
لكن علم من مصدر ما أن هناك إسلام وتوحيد يخالف ما هو عليه ـ لكن لم يهتم بها
ويأخذها مأخذ الجد مع أنه جاهل.
المرجئــة هم العدو فاحذرهـــــــــــم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزهرى: ما إبتدعت فى الإسلام بدعة أضر على
اهله من الارجاء.
وقال الأوزاعي: كان يحيي بن ابى كثير وقتادة
يقولان ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الارجاء.
وقال شريك النخعي : هم أخبث قوم حسبك بالرافضة
خبثا ولكن المرجئة يكذبون على الله.
-هم المرجئة أهل التفريط ومن سلك دربهم وقال
بقولهم فهؤلاء قالوا ؛؛
إن المسلم المرتكب للشرك الأكبر لا يسمى مشركاً
ولا يكفر ولا يخرج من الإسلام!!!
كيف نكفره أو نحكم بكفره وهو يقول لا إله إلا
الله محمد رسول الله وهو يصلى ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن ويقوم الليل!!
كيف نكفره وهو لم يقصد الكفر ولم يعتقده بقلبه
ولم يستحله ولم يجحد
كيف نكفره وهو يحب الله ورسوله؟
أنكفره لوقوعه في الكفر والشرك وهو يجهل أنه كفر
وشرك؟
أنكفره لدعائه الموتي وأهل القبور والصالحين وهو
يعلم أنهم موتى ولكن يتخذهم واسطة وشفعاء بينه وبين الله لصلاحهم ومنزلتهم عند
الله وهو العبد العاصي؟
أنكفره لأنه ذبح لغير الله مع أنه قد سمى على
ذبيحته أنكفره لأنه سجد على عتبات الصالحين وأضرحة أولياء الله العارفين؟
أنكفره لأنه طاف سبعاً بقبر على والحسين والبدوى
والدسوقى؟
أنكفره لأنه في حالة الغضب سب الله ودين الله وهو
لم يقصد السب ولكن كان في حالة غضب!!
ولماذا نكفر الحاكم وهو يصلى العيد ويحج ويعتمر
ويطبع المصحف ويرعى حفظة القرآن ويقيم لهم المسابقات !
أنكفره لأنه بدل الشريعة وحكم بالقوانين المخالفة
لها وعمل علاقات حب وود مع جيراننا من اليهود والنصارى وتأمين البلاد والعيش
بسلام!
لماذا نكفر هذا الحاكم وهو لم يجحد حكم الله
بقلبه ولم يستحله وإن سماه الله كافراً فهو كفر أصغر !!
إن الكفر لا يقع ولا يكفر المسلم إلا إذا اعتقد
الكفر بقلبه وقصده واستحله وهو يعلم به مختاراً له أما إذا جهل الكفر ولم يقصده
فهو مسلم باقي على إسلامه مهما ارتكب من النواقض ومهما وقع في الكفر والشرك فهو
جاهل معذور مسلم لم يقصد الوقوع في الكفر ولم يعتقده بقلبه والذين يكفرون المسلم
المرتكب للشرك الأكبر والكفر الأكبر هؤلاء خوارج وتكفير وإرهابيون ومتطرفون وقد
حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم وحرض على قتالهم وقتلهم
والمسلم الذي يقول لا إله إلا الله محمد رسول
الله لا يكفر ابداً إلا إذا قال بلسانه أنه ليس بمسلم أنه تنصر أو تهود طائعاً
مختاراً فهذا يكفر في الدنيا أما الآخرة فلا ندري حاله!!!
هؤلاء هم المرجئه واهل الغلو فيه ومن قال بقولهم
وسبب الخلل عندهم هو
فساد قولهم واعتقادهم في الإيمان والكفر وأصل
فسادهم أنهم اعتقدوا أن من قال لا إله إلا الله وتلفظ بالشهادتين لا يكفر وأن
تلفظه بالشهادتين مانع من تكفيره وهذا الاعتقاد الفاسد ناتج عن حصرهم الكفر
بالاعتقاد والقصد لأن الإيمان عندهم هو التصديق المجرد والكفر هو التكذيب فأصل
فساد قولهم مبني على الخلل عندهم وسوء معتقدهم في الإيمان والكفر .
فالإيمان عند أهل السنة يتركب من أركان ثلاثة
الاعتقاد والقول والعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية والأعمال من الإيمان وداخلة
فى مراتبه الثلاثة الأصل , والواجب والمستحب ولا يزول الإيمان إلا بزوال أصله
فالخلاف مع المرجئة المعاصرة ليس فى تعريف
الإيمان اللفظى ولكن فى منزلة الأعمال وحكم تاركها فالمرجئة المعاصرة تُعرف
الإيمان كما هو عند أهل السنة فهو اعتقاد وقول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
والأعمال من الإيمان وداخلة فى الواجب والمستحب ولا تدخل فى الأصل لأنها شرط كمال
وعلى ذلك فتارك العمل بالكلية مسلم ناج من الخلود فى النار ولذلك هم لايكفرون
مرتكب الشرك الأكبر ولا المتلبس بالكفر الأكبر لأن العمل عندهم لايدخل فى أصل
الإيمان فلا يكفرون بارتكاب العمل المكفرولا بالقول المكفر ""
هل الايمان يزيد وينقص ؟؟
_______________
-زيادة الايمان ونقصانه
-----------------------
-الأدلة من القرآن على زيادة الإيمان ونقصانه:
------------------------------------------
-الأدلة من السنة على زيادة الإيمان ونقصانه:
---------------------------------------------
-الآثار السلفية عن الصحابة ومن بعدهم في زيادة
الإيمان ونقصانه:
------------------------------------------------------------
-أسباب زيادة الإيمان ونقصانه:
------------------------
-والمروي عن الإمام مالك في زيادة الإيمان
ونقصانه:
------------------------------------------------
فإن الحق الواجب اعتقاده والإيمان به، أن الإيمان
يزيد بالإخلاص والطاعات والمسارعة إلى رضوان الله، وتقديم مرضاته وتتبع محابَّه
حتى يَستكمل الإيمان في العبد.
وكذا عكسه بأن الإيمان ينقص ويقل كلما ارتكب
العبد المحرمات واقترف المنهيات، وفرغ قلبه من تحقيق معاني الألوهية ومعاني أسماء
الله وصفاته، وأمره وشرعه حتى يزول الإيمان بالكلية، فتستحكم الشهوات والشبهات
عليه؛ فيكون القلب عندئذ أسودَ لا بياض فيه.
يدل على ذلك الأدلة الشرعية والواقع المشاهد.
وذلك أن المؤمن المتقي لله، إنما يتقيه ويؤمن به
لقوة الوازع الديني في قلبه.
والعاصي – وهو فاعل الذنب الصغير-، والفاسق – وهو
فاعل الكبيرة – لا يعصي ربه إلا بعد ضعف وازع الدين في قلبه!
ومن فضل الله علينا وعلى الناس تكامل دلالة
الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، والآثار السلفية عن الصحابة ومن بعدهم في
تأكيد هذه المسألة، وهذا طرف من ذلك.
الأدلة من القرآن على زيادة الإيمان ونقصانه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمن ذلك:
قوله تعالى في أول الأنفال: إِنَمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا
تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
2- وقوله سبحانه في أواخر آل عمران: الَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:
173].
3- وفي آخر التوبة: وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ
سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيماَنًا فَأَمَّا
الَّذِينَ ءَامَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يًسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ
وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة: 124-125].
فالمؤمنون يزدادون إيماناً بنزول القرآن
والمنافقون يزدادون كفراً ورجساً وينقص إيمانهم إن كان بقي منه شيء قبل نزوله!
4-وفي سورة الأحزاب: وَلَمَّا رَءَا
الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ
وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانَا
وَتَسْلِيمًا[الأحزاب:22].
5-وفي أول الفتح: هُوُ الَّذِى أَنزَلَ
السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيماَنًا مَّعَ
إِيمَنِهِمْ[الفتح:4].
6-وفي سورة المدثر: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِيمَانًا [المدثر:31].
7-وكما يزيد الإيمان – كما رأينا فيما مضى من
نصوص، فإنه يزيد بزيادة أفراده كالخشوع كما في آية السجدة من الإسراء:
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء:109].
8-وزيادة الهدى والهداية كما في قوله في سورة
مريم: وَيَزِيدُ اللهُ الّذِينَ اهْتَدَوْا هدًى [مريم:76].
وفي سورة محمد: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ
هُدًى وَءَاتَهُمْ تَقْوَاهُمْ [محمد:17].
وقوله عن الفتية أصحاب الكهفِ: إِنَّهُمْ
فِتْيَةٌ ءَامَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ [الكهف:13].
فما زاد شيء إلا نقص، بدليل كونه قبل الزيادة
أنقص منه بعدها.
9-وكما أن الكفر يزيد كما في قوله تعالى في آيتي
المائدة: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ
طُغْيَنًا وَكُفْرًا [المائدة:64]. قُلْ يَأَهْلَ الْكِتَبِ لَسْتُمْ عَلَى شَىْءٍ
حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن
رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثيِرًا مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ
طُغْيَنًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَفِرِينَ[المائدة:68].
وقوله في الإسراء: وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا
الَّتِى أَرَيْنَكَ إِلاَّ فِتْنةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي
الْقُرْءَانِ وَنُخَوِّفهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياَنًا كَبِيرًا
[الإسراء:60].
وفي آل عمران: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ
إِيمَانِهِمْ ثًمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ
هُمُ الضَّآلُّونَ [آل عمران:90].
وفي النساء: إِنَ الَّذِينَ ءَامَنُوا ثُمَّ
كّفَرُوا [ النساء:137].
فكذلك الإيمان يزيد حتى يبلغ أعلى درجاته، والكفر
يزيد حتى يسفل إلى أدنى دركاته.
10-أيضاً مما يدل على زيادة الإيمان عند أهله
تفاضلهم فيه، بكون بعضهم أفضل من بعض.
كما قال سبحانه عن الأنبياء: وَلَقَدْ فَضَّلْنَا
بَعْضَ النَّبيِيِّنَ عَلَى بَعْضٍ [الإسراء:55].
وفي البقرة: تَلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَتٍ
وَءَاتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِنَتِ وَأَيَّدْنَهُ بِرُوحِ الْقُدُسْ
[البقرة:253].
وفي الإسراء: انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا
بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلأَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً
[الإسراء:21].
وفاضل سبحانه بين الصحابة في آية الحديد:
لاَيَسْتَوْي مْنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاَتَلَ أُولَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذينَ أَنفَقَوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10].
وفاضل بين المجاهدين وغيرهم في سورة النساء: لاَّ
يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ
الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً
وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى
الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَعْفِرَةً وَرَحْمَةَ
وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:95-96].
ومن ذلك قوله: الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا
وَجَهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةَ
عِندَ اللهِ وَأولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [التوبة:20].
وفاضل بين درجات العلماء أهل الإيمان بقوله في
سورة المجادلة: يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ دَرَجَتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11].
ومايز سبحانه بين أهل الطاعة والمعصية بقوله في
سورة الجاثية: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَآءً مَّحْيَاهُمْ
وَمَمَاتُهُمْ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21]، وفي سورة الواقعة ذكر أصحاب
اليمين، ثم أصحاب الشمال، ثم السابقين. وكل هذه المفاضلات للتمايز في زيادة
الإيمان
الأدلة من السنة على زيادة الإيمان ونقصانه:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فهي أيضاً متنوعة:
---------------
1-فمنها ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن،
ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينهب
نُهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها بأبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن)) وهذا لفظ
مسلم.
فنفى عنه كمال الإيمان الواجب بفعل هذه الكبائر،
مما دل على نقص الإيمان بفعلها.
وهكذا كل ما ورد من نفي كمال الإيمان الواجب أو
المستحب تدل على زيادته، ومن ثمَّ نقصانه!
2-ومنها ما عقده البخاري في صحيحه من كتاب
الإيمان باباً في تفاضل أهل الإيمان بالأعمال وذكر فيه:
حديث أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعاً: ((يدخل أهل
الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول عز وجل: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة
من خردل من إيمان..)) الحديث متفق عليه.
مما يدل على أنه أنقص المؤمنين إيماناً، ولو كان
الإيمان لا يزيد ولا ينقص لاستحق أهله كلهم الجنة، وبدرجات متساوية!
3-وحديث أبي سعيد رضي الله عنه أيضاً أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((بينا أنا نائم، رأيت الناس يُعرضون عليَّ وعليهم قمص،
منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره
قالوا: فما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين)) متفق عليه.
ورؤيا الأنبياء حق، فدل على زيادة الإيمان في
أقوام، ونقصانه في آخرين.
4-حديث أبي سعيد الخدري وابن عمر وأبي هريرة رضي
الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب
للبِّ الرجل الحازم من إحداكن، قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال:
أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل، قلن: بلى؟ قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس
إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم، قلن: بلى قال: فذلك من نقصان دينها)) وهذا لفظ البخاري
فهو وإن كان النقص ليس من فعلهن، لكن من صلى وصام
كان أكمل إيماناً منهن بهذا الاعتبار لصلاته وصيامه، وتأمل الترجمة التي تحت
الحديث عند مسلم!
5-حديث ابن مسعود رضي الله عنه – عند مسلم في
المجاهدة –وفيه: ((فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن
جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل)). ويفسره ويبين مدلوله
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم
منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف
الإيمان)) رواه مسلم
فدل على أن الإيمان لا يزال يضعف بتخلف تلك
المراتب وهو النقصان، وتحصيلها هو زيادته.
6-ومثله حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل
الإيمان))
7-ومثله حديث أبي هريرة وغيره رضي الله عنهم
مرفوعاً: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً)) رواه أحمد وأهل السنن.
الآثار السلفية عن الصحابة ومن بعدهم في زيادة
الإيمان ونقصانه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي كثيرة جداً ضمَّنها الأئمة في مصنفاتهم في
الإيمان فمن ذلك:
1-أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ربما يأخذ
بيد الرجل والرجلين من أصحابه فيقول: قم بنا نزدد إيماناً.
2-وكان معاذ يقول لرجل: اجلس بنا نؤمن ساعة. أي
نزدد إيماناً، لم يعن أنه كان غير مؤمن قبلها!
3-وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: من فقه
العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه، ومن فقه العبد أن يعلم: أيزداد هو أم ينقص؟
4-وأما ابن مسعود رضي الله عنه فكان يقول في
دعائه: ((اللهم زدنا إيماناً ويقيناً وفقهاً)).
5-وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه كان يأخذ بيد
نفر من أصحابه فيقول: ((تعالوا فلنؤمن ساعة، تعالوا فلنذكر الله ولنزدد إيماناً،
تعالوا نذكر الله بطاعته لعل الله يذكرنا بمغفرته)).
6-وقال عمير بن حبيب الخطمي وغيره من الصحابة:
((الإيمان يزيد وينقص، فقيل له وما زيادته ونقصانه؟ فقال: إذا ذكرنا الله وحمدناه
وسبحناه فتلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه))وعنهم في الباب كثير،
وعمَّن بعدهم أكثر.
7-ولذا روى اللالكائي بسند صحيح عن الإمام
البخاري أنه قال: ((لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار، فما رأيت أحداً
منهم يختلف في أن الإيمان : قول وعمل ويزيد وينقص)) اهـ
ولذا نقل ابن عبد البر – في التمهيد – الإجماعَ
على ذلك فقال: ((أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا
بنية. والإيمان عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان))
اهـ
والمقصود تكاثر القول عن الأوائل في تحقيق زيادة
الإيمان ونقصانه وهي من الكثرة بمكان.
وهذه المسألة أعني مسألة زيادة الإيمان ونقصانه
أظهر المسائل التي تبين آثار الاختلاف في الإيمان، وهي المحك الذي يفترق عليه
حقيقة قول أهل السنة والجماعة مع مخالفيهم في مسائل الإيمان التي هي بالأسماء
والأحكام.
أسباب زيادة الإيمان ونقصانه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي الأسباب التي إذا حصلها العبد وسعى في طلبها
وفعلها تقرباً إلى الله زاد إيمانه بذلك، وإن كان على ضدها نقص، ومنها:
1-التقرب إلى الله والتعرف إليه بتحقيق التوحيد
بألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
فإنه ولا شك كلما ازداد بها تحقيقاً ازداد
إيماناً.
2-فعل الفرائض والنوافل والإحسان فيها، والإصابة
في صفاتها، والمكاثرة والمسارعة والمداومة في ذلك.
3-ترك المعاصي والمنهيات تقرباً إلى الله وابتغاء
وجهه سبحانه.
4-النظر والاعتبار في آيات الله الشرعية، ومنها
العلم، وآياته الكونية المورث للعلم والعمل، ولين القلب.
5-الإقبال على الدار الآخرة والسعي لها، والزهد
في الدنيا والإعراض عن زخرفها بملاحظة ما أعده الله لعباده الصالحين المستكملين
للإيمان، وما أعده لإرضائهم.
6-التزام السنة النبوية والعض عليها بالنواجذ،
ولو مع قلة المعاون علماً وفهماً وعملاً ودعوة.
7-كثرة سؤال الله والتضرع إليه بالثبات على دينه،
حسن العاقبة وسؤاله الهداية وحسن العمل وقبوله والاستزادة من الخير، والانطراح بين
يديه لاسيما في الأوقات الفاضلة المستجابة.
أسباب زيادة الإيمان ونقصانه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهم طوائف، ولربما توحد قولهم في هذه المسألة لكن
اختلفت بينهم حقيقته، ومنهم:
1-المرجئة فقالوا الإيمان لا يزيد ولا ينقص،
واعتبروا زيادته في الآيات والأحاديث تجدد أمثاله
2-الوعيدية من الخوارج والمعتزلة: فقالوا الإيمان
يزيد ولا ينقص، لأنه لا يتبعض فنقصه ذهابه كله.
أما تجويزهم زيادته فمن جهة اختلاف الناس في وجوب
التكاليف في وقت وحال دون أخرى
والحق كما سبق أن الإيمان يزيد بالطاعات حتى
يكتمل، وينقص بالمعاصي والذنوب حتى يزول بالمكفر منها.
* المروي عن الإمام مالك في زيادة الإيمان
ونقصانه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن غيره من الفقهاء من أتباع التابعين، فإن
الإمام مالك في رواية عنه أنه لم يوافق في إطلاق النقصان على الإيمان.
فإنه في رواية محمد بن القاسم عنه توقف في
النقصان ولم يقل به..
ووافقه على ذلك جماعة من الفقهاء، لأنهم وجدوا
ذكر الزيادة في القرآن ولم يجدوا ذكر النقص.
وبعض السلف رحمهم الله عدل عن لفظ الزيادة
والنقصان إلى لفظ التفاضل، فقال: أقول الإيمان يتفاضل ويتفاوت.
ويروى هذا عن عبد الله بن المبارك كما يروى عنه
موافقة الجمهور من السلف بالقول بزيادته ونقصانه كما حكاه عنه النووي.
هذا وقد وجّه العلماء وأجابوا عن قول الإمام مالك
السابق في التوقف بالنقصان بعدة أجوبة منها:
1-أن لفظ الزيادة ورد في النصوص، دون لفظ
النقصان، فلم يقل به.
وهذا جواب قاله الشيخ ابن تيمية عن مالك ومن
وافقه رحمهم الله.
2-توقف مالك بالنقصان لئلا يكون شكاً مخرجاً عن
اسم الإيمان.
3-أو لئلا يتأول القول بالنقصان على قول الخوارج
والوعيدية، الذين يكفرون بالمعاصي ويخرجون بها عن الإيمان. وهذان الجوابان حكاهما
النووي في شرحه لمسلم.
4-ربما كان قوله ذلك قديماً، رجح عنه بعد ذلك
ولاسيما بعد تأمله لحال المرجئة وبدعتهم، لما عُرف عنه بعدُ من ردِّه عليهم،
وإنكاره عليهم كما أنكر على حماد بن أبي حنيفة وغيره منهم.
5-وربما هو وَهْمٌ من ناقليه، لما يعرض للمدرس في
درسه من التوقف في مسائل، لا لعدم الجواب فيها عنده، وإنما لزيادة تأمل فيها ونظر
وبحث، أو لعارض يعرض له في خاطره يسترسل معه.. ونحو ذلك.
* والقول الراجح عن مالك في ذلك :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى كل حال فإن الاحتمالات متطرقة للرواية التي
توقف فيها مالك عن القول بنقصان الإيمان، وهي رواية محمد بن القاسم.
كيف وقد روى جمهور أصحابه روايات أخرى صرح فيها
الإمام مالك بزيادة الإيمان ونقصانه، كما في رواية عبد الرزاق بن همام الصنعاني،
وعبد الله بن وهب، ومعمر بن عيسى، وعبد الله بن نافع
فعلى هذه الروايات الكثيرة عنه العمل، وهي موافقه
لما يرد على الأولى من الاحتمال والتأويل؛ لما فيها من ثبوت النقصان في الإيمان
عنه رحمه الله.
قال شيخ الإسلام في الأوسط: ((… وهذه إحدى
الروايتين عن مالك، والرواية الأخرى عنه، وهو المشهور عند أصحابه، كقول سائرهم
(يعني الأئمة): أنه يزيد وينقص))
ماهي مراتب الإيمان؟؟
ماهو أصل الايمان؟؟ وماهو الايمان الواجب والمستحب؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراتب الإيمان!!
إذا أطلق لفظ الإيمان فالمراد به الدين كله وهو
يشتمل على شُعَب ، كما في حديث الشُعب : ( الإيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول
لاإله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان ) [مسلم
فاشتمل الإيمان على جمع الطاعات فرضها و نفلها
مما يجب على القلب و اللسان و الجوارح كما يشتمل الإيمان على ترك المحظورات المحرم
منها و المكروه و ينقسم الإيمان إلى مراتب تشتمل كل مرتبة على بعض شعب الإيمان
بحيث تتضمن المراتب الثلاث جميعا شعب الإيمان .
و المراتب الثلاثة وهي :
أولا : أصل الإيمان :
وهو مالا يوجد الإيمان بدونه وبه النجاة من الكفر
و الدخول في الإيمان و هو مطلق [جزء] الإيمان ومن أتى بهذه المرتبة فهو داخل في
المخاطبين بقوله تعالى : { ياأيها الذين آمنوا } وهو يشتمل على شعب لايصح إلا
باكتمالها
و ضابط ما يدخل في الإيمان من الأعمال سواء كانت
فعلا أو تركا و سواء كانت اعتقادا أو قولا أو عملا :ـ
أ - أن كل عمل يكفر تاركه ففعله من أصل الإيمان ،
مثل ؛ التصديق ، انقياد القلب ، إقرار اللسان ، و الصلاة ... الخ
ب- كل عمل يكفر فاعله فتركه من أصل الإيمان : مثل
: الاستهزاء بالدين ، الدعاء ، الاستعانة و الاستغاثه بغير الله ، و القتال في
سبيل الطاغوت .. أو جحد واجب أو استحلال محرم أو إنكار واجب .... الخ.
وكل من لم يأت بأصل الإيمان " جملة "
أو أخل به "جزء " فهو كافر مخلد في نار جهنم .
و ضابط الذنب المكفر هو ماقام الدليل الشرعي على
أنه كفر أكبر مخرج من الملة .
ومن أتى بأصل الإيمان فقد نجا من الكفر و دخل
الجنة برحمة الله إما ابتداء وإما مئالا .
ومن الأدلة الشرعية على ما سبق :
------------------------------
قال تعالى : { إن الذين كفروا لو أن لهم ما في
الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب
أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهـــم عذاب مقيم } ، و
قوله تعالى: { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن
من الخاسرين } ، و قوله تعالى : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله }
وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله
الجنة بفضله و رحمته يقال لهم الجهنميين ) [البخاري 7450] ، و دخولهم الجنة مئالا
إنما هو بما معهم من أصل الإيمان المضاد للكفر .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله
عليه وسلم : ( حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من
أراد من النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لايشرك بالله شيئا ممن أراد
أن يرحمه ممن يشهد لاإله إلا الله فيعرفونهم في النار بآثار السجود ) [رواه
البخاري
وعن أبي ذر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم : ( ذاك جبريل أتاني فقال : من مات من أمتك لايشرك بالله شيئا دخل الجنة ) ،
قال أبو ذر : قلت ؛ وإن زنى وإن سرق ؟! ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( وإن زنى وإن سرق ) [البخاري
وفي حديث آخر : ( أخرجوا من النار من كان في قلبه
مثقال حبة خردل من إيمان ) [البخاري.
قال ابن حجر : ( و المراد بحبة خردل هنا مازاد من
الأعمال على أصل التوحيد لقوله في رواية أخرى " اخرجوا من قال لاإله إلا الله
و عمل من الخير ما يزن ذرة .
قال محمد بن نصر المروزي : ( الكفر ضد أصل
الإيمان لأن للإيمان أصلا وفروعا , فلا يثبت الكفر حتى يزول أصل الإيمان , فإن قيل
والذى زعمتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أزال عنه اسم الإيمان هل فيه من ألايمان
شىء ؟ ، قالوا نعم أصله ثابت ولولا ذلك لكفر ) [تعظيم قدر الصلاة
الإيمان الواجب :
---------------
وهو مازاد عن أصل الإيمان من فعل الواجبات و ترك
المحرمات
و ضابط مايدخل في الإيمان الواجب من الأعمال
سواءً كانت فعلاً أو تركاً ، أن كل عمل ورد في تركه و عيد ولم يكفر فاعله فتركه من
الإيمان الواجب كالزني و الربا و السرقة و شرب الخمر. . . الخ، بشرط عدم الاستحلال
و عدم الإنكار - أي عدم استحلال محرم و عدم إنكار واجب -
و الناس في الإيمان الواجب على درجتين :
---------------------------------------
1- المقصرون منه : بترك واجب أو فعل محرم بعد
إتيانهم بأصل الإيمان , فهؤلاء هم أصحاب الكبائر أو المخلطون من أهل التوحيد أو
عصاة الموحدين أو الفاسق الملّي أو الظالم لنفسه فمن كان هذا حاله فهو من أهل
الوعيد إن مات بلا توبة ولكنه في المشيئة فإن شاء عذبه بقدر ذنوبه ثم يُخرجُهُ
اللهُ من النار و يدخله الجنة بما معه من أصل الإيمان .
الأدلة علي تكفير الذنوب بالمغفرة :
===================
قال تعالى : { إنّ اللّه لا يغفرُ أن يُشرك به
ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ } .
وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان شهد بدرا
وهو أحد نقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - و حوله عصابة من
أصحابه - : (( بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا
تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم ولا تعصوا في معروف
فمن وفى منكم فأجره على الله و من أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى
الله إن شاء عفا عنه و إن شاء عاقبه )) [متفق عليه، و اللفظ للبخاري :
و يستثني من تكفير الذنب بالعقوبه و كونه في
المشيئة " المرتد " المشار إليه في الحديث بقوله صلى الله عليه وسلم
" وأن لاتشركوا بالله شيئا " فإذا قتل على الردة لم تكن العقوبة كفارة
له ، وإذا مات مرتدا لم يكن في مشيئة لقوله تعالى : { إن الله لايغفر أن يشرك به }
سواء عوقب في الدنيا على ردته أم لم يعاقب [انظر فتح الباري1/64].
2- المقتصدون فيه :
------------------
الذين أدوا الإيمان الواجب بتمامه ولم يقتصروا
فيه ولم يزيدوا عليه بعد إتيانهم بأصل الإيمان فهذا هو المؤمن المستحق للوعد
السالم من الوعيد و ويستحق دخول الجنة بلا سابق عذاب بفضل الله حسب وعده الصادق و
هذه الدرجة تسمى المقتصدين .
ومن الأدلة على ذلك : قصه الأعرابي الذي سأل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن شرائع الإسلام و أخبره الرسول صلى الله عليه وسلم
بشرائع الإسلام ، فقال الأعرابي : ( والذي أكرمك بالحق لا أتطوع شيئا ولا أنقص بما
فرض الله عليّ شيئا ) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( قد أفلح إن صدق أو
دخل الجنة إن صدق )) [البخاري /1891].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( من أتى بالإيمان
الواجب استحق الثواب , ومن كان فيه شعبة من نفاق وأتى الكبائر فذلك من أهل الوعيد
وإيمانه ينفعه الله به و يخرجه به من النار ولو أنه مثقال حبة من خردل , لكن
لايستحق به اسم المطلق المعلق به وعد الجنة بلا عذاب ) [كتاب الايمان : 334 ،
الإيمان الأوسط : 67].
فائدة : العلم بالواجبات و النواهي التى تدخل في
أصل الإيمان و الإيمان الواجب فرض عين على كل مسلم و منها ما يدخل في العلم الواجب
العينى العام و فيها ما يدخل في العلم الواجب العينى الخاص و إنما كان العلم بها
واجبا لأن العمل بها واجب و يترتب على التقصير فيه و عيد من كفر أو فسق لان العمل
هو المقصد و العلم وسيلة و القاعدة تقول " للوسائل حكم المقاصد" .
ثالثا - الإيمان المُستحب :
وهو مازاد عن أصل الإيمان والإيمان الواجب من فعل
المندوبات والمستحبات و ترك المكروهات و المشتبهات - و بعض المباحات عند السلف -
فمن أتى بهذه المرتبة مع المرتبتين الأوليتين فهو من السابقين الذين يستحقون بفضل
الله دخول الجنة ابتداء فى درجة أعلى من المقتصدين .
قال ابن تيمية رحمه الله : ( ويفرق بين الإيمان
الواجب وبين الإيمان الكامل بالمستحبات كما يقول الفقهاء (الفعل ينقسم إلى قسمين ،
مجزىء وكامل فالمجزىء ما أتى به بالواجبات فقط , والكامل من أتى فيه بالمستحبات )
ويجمع المراتب الثلاثة لأهل الإيمان قوله تعالى:
{ ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد
ومنهُم سابق بالخيرات بإذن اللّه ذلك هُو الفضلُ الكبيرُ } [فاطر /32].
قال ابن تيمية رحمه الله : ( وهكذا جاء القرآن
فجعل الأمة على هذه الأصناف الثلاثة ، قال تعالى : { ثُمّ أورثنا الكتاب الّذين
اصطفينا من عبادنا فمنهُم ظالم لنفسه ومنهُم مُقتصد ومنهُم سابق بالخيرات بإذن
اللّه } فالمسلم الذي لم يقم بواجب الإيمان هو الظالم لنفسه و المقتصد هو المؤمن
المطلق الذي عبدالله كأنه يراه ) [كتاب الإيمان.
عن أبي الدرداء رضى الله عنه قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال الله تعالى : { ثم أورثنا الكتاب الذين
اصطفينا. . . الآية } فأما الذين سبقوا فأولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب وأما
الذين اقتصدوا فيحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك يحبسون في طول
المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون { الحمد لله الذي أذهب
عنّا الحزن إن ربنا لغفور شكور } )) [رواه أحمد ، سورة فاطر /34 ، مصدر ابن كثير].
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية : ( السابق
بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يدخل الجنة برحمة الله و الظالم لنفسه
وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم
فائدة : والصغائر تدخل في المرتبة الثالثة بشرط
عدم الإصرار عليها - لاصغيرة مع الإصرار و لاكبيرة مع الاستغفار -
قال ابن تيمية رحمه الله : ( و الرسول لم ينفه -
يعني الإيمان الواجب - إلا عن صاحب الكبيرة والإ قالوا ؛ من الذي يعمل الصغيرة هي
مكفرة عنه بفعله للحسنات و اجتنابه الكبائر لكنه ناقص الإيمان عن من اجتنب الصغائر
فمن أتى بالإيمان الواجب خلطه سيئات كفرت عنه بغيرها ونقص بذلك درجه عمن لم يأت
بذلك ) [الإيمان :337].
و قال ابن تيمية رحمه الله -عن الإيمان - : ( هو
مُركب من أصل لايتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة ومن
مستحب يفوت بفواته علو الدرجة ) [مجموع الفتاوى ماالفرق بين الإيمان الكامل و كامل
الإيمان ؟
الإيمان الكامل : أي جمع الأعمال بمراتبه الثلاثة
.
كامل الإيمان : أي جزء من الإيمان الذي يتم به
مطلق الإيمان .
____________________________________
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق